يا نجاوى اللّيلِ مازلتِ بحشريتِكِ تسألينني هل أنتِ شاعرةٌ؟ سأشبعُ فضولَ تهيؤاتِكِ وأقولُ: كيف أكونُها والحقيقةُ المتعشّقةُ بين حروفي صدئتْ، حروفي التي لم يقرأها أحد، فالعيونُ لا تقرأ إلا ما تستهويهِ شهواتُها، لذا أنا لستُ شاعرةً، ولن أكونَها، سأبقى مجرّدَ جثّةٍ تتحرّكُ، الشّعرُ تركتُه هناك في صومعتي التي غادرتني قبل أن أغادرَها، تركتُه هناكَ مضمّخًا بدماءِ اعتزالي، مثكولًا بموتي الذي اخترتُه لي سَكينةً . يا نجاوى الليل أنا لستُ شاعرةً، كيف أكونُها؟ كيف أصرّحُ للبلابلِ عن مشاعرِ اغترابي لتشدوَها وقد فقدْتْ حناجرَها وتكسّرَ جناحاها، هي ماتتْ صريعةً، فالسماءُ في وطني تعجُّ بالموتى! وذلك الجدولُ الذي يشهدُ تمتماتي وتعثّرَ نطقي تركتُ مياهَهُ تقلّمُ أظافرَ حروفي كي لا يخدشَني الخذلانُ، وتركتُ الشّعرَ معصوبَ العينين أدردَ بلا نقاطٍ أجوفَ بلا معانِ لذا يا وطني أنا لستُ شاعرةً، إلا أنّني أعدُكَ، إن تصافحتْ يداكَ مع السّلامِ ، أن أدفقَ عليك سيلًا مدرارًا من الشّعرِ، حينها سيصبحُ للكلماتِ معنًى، حينها فقط سأنشرُها متباهيةً في الفيافي نثارًا من شذراتٍ، حينها سأطلقُ سراحَ خيالي ليصلَ إلى السّماءِ السابعة!