أنا لا أهرب… أنا أعود إليّ/بقلم:هناء محمد علي

رأيتُه أوّلَ مرّة
وكان ضوءًا خفيفًا…
كأنّه دعاءُ أمّي
حين تُسافر بي إلى المدى
وتُخبّئ قلبي في يديها.

لم أكن أعرف الحب
لكنني عرفتُ أنني أريده…
كظلٍّ لا يزول عن روحي
ولا يُعلّقني بجدارِ أحد.

أحببتُه…
كما تُحبّ الأرضُ مطرها الأول
كما تُحبّ النارُ الهشيم
أحببتُه كما تُحبّ المرأةُ أن تُؤمن
ولو كذبتْ على نفسها ألف مرّة.

لكنّ الحب…
حين لا ينبت في تربة الوعي
يُزهِر قيدًا ناعمًا
ويغنّي بصوتٍ لا يشبه صوتك.

كنتُ أحمل بيتي على ظهري
أطفالي في حنجرتي
وصمتي كصلاتي في الليل الطويل.

كم قلتُ: لا بأس
وقلبي كان يقطر من نزفه
شعرًا لا يُكتَب
ودمعًا لا يُبكَى.

كنتُ أبتسم…
وأنا أتآكل.

كنتُ الواجب
والحاجة
والكرامة التي لا يراها أحد.

كنتُ الأنثى التي تُمسك سقف البيت بيد
وتكتم صراخها باليد الأخرى
وتُربّي الحُبّ…
كما تُربّي طفلًا مريضًا لا يُشفى.

ثمّ رأيتُني في مرآةٍ…
مرآةٍ لا تكذب.
وقد فقدتُ شغفي بالحياة.

ففهمتُ…

أنّ القيد
ليس دائمًا من حديد
بل من كلمة: “اصبري”.

وأنّ الأمومة
لا تعني أن أُفنى
والحب لا يعني أن أُمحى
والزواج لا يعني
أن يُطفأ النور في داخلي
باسم الطاعة.

فنهضتُ…
لا ضدّهم
بل نحو ذاتي.

أعدتُ خياطة روحي
بنور العدالة
ونفضتُ الغبار عن حريّتي
ثمّ كتبتُ اسمي من جديد…
لكن هذه المرّة
بـ خطٍّ يُحلّق.

أنا لا أهرب…
أنا أعود إليّ.

أنا لا أكرههم…
أنا أحبّهم
لكنّني
أحبّني أيضًا.

وسأظلّ:
الأم
والرفيقة
والظلّ النبيل
لكن بجناحين من نور
لا يرضى أن يُختنق
ولا يقبل أن يُنسى.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!