أنتَ الآن وحدك/ بقلم: هيلانة الشيخ

‏هنا حيث لا أحد! تتوحد الأنا في ملكوتِها، يصبح للنومِ طعمٌ آخر غير طعمِ الملح في فم الغريق. تصبح العتمة ستارًا رقيقًا بطابعٍ “رومانتيكي” ونجاةً من تحرشات الضوء الخادشة لفراش الراحة.
‏تصبح الجدران ناعمة والعاصفة سمفونية على وقعها يرقص صوتك… وتصير أجنحتكَ أكثر قوةً من حطامك الكبير.
‏تتسع الحواس إلى حد ابتلاع المحيط، إلى عنانٍ لا شيء فيه ينازعك على الهواء… إلى عظمةٍ أنت ربُّها، أنتَ عبدُها، أنت المشيئة المطلقة في خلقِها وقتلِها وإماتةِ كل من حولها… أنتَ الآن وحدك فمن يجرؤ أن يسلبكَ حزنك أو ثوب حدادك؟
‏من يتجرأ على اقتحام سوادك أو تدنيس ترابك؟
‏من بوسعه العبث داخل جرحكَ المتقيح؟
‏من بإستطاعته العبور إلى خطوطك المحرّمة، للنيل من بقعك.. لطمسِ الطريق، لاستخدامك عند الحاجة فقط؟!
‏هنا حيث أنت وحدك؛ تضرّعٌ إليك، تأملاتك اللّا مرهونة، طقوسٌ لا يسطرها بشر، لذّة غير مؤطّرة بالآخر… لذّةٌ بالمجّان، لست رقمًا، لست موعدًا، لست أثرًا، لست رهنًا لضغطةِ زرٍّ على شاشةِ هاتف، لست بحاجة إلى مساحيقٍ تستهلك ملامحك من أجل عينٍ لا تلتقط إلّا زاويتها!

‏هنا حيث المسافة بين العين والشفتين فسحةً شاسعة، الحبكة بين مقدمةِ الرأس ومؤخرتك ابداعٌ لا منتهى له، وبينك وبينك صلاةٌ لا يقطعها حيضٌ أو جنابة!

‏هنا حيثما أنت جميع جهاتكَ اشارة جميع ما دونك نكرة، جميع أطرافك غابة… لا تقليم، لا ممحاة، لا مبراة، لا عهر إلّا احمرارك الشهي.
‏هنا حيث لا أحد!

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!