أيّها الماثلُ في الغيابِ أكثرَ من الحضور
رحلتُ عنكَ… كي أفتقدكَ عمداً
وها أنا كلّما نسيتُك قليلاً
جاءني اسمُك في قصيدةٍ نائمةٍ
أو عزفت الذكرى على وترٍ قديم.
أُحبكَ
لا لأنكَ منطقٌ واضح
بل لأنكَ سؤالٌ معقّد
ومع ذلك
أُجيبكَ كلَّ مرّةٍ بـ: نَعَم
أُحبك لأنكَ…
لستَ مرآةً تعكسني
بل نافذةً أطلّ منها على ما لستُه
وأرغب أن أكونه.
أُحبّك…
كما يُحبُّ الليلُ قمراً لا يقدر أن يُلامسه
كما تُحبّ الصحراء مطرَها الأول
وتخافُ عليه من الانتهاء.
أُحبّك
لا بطمأنينةِ الذين وجدوا
بل بقلقِ الذين ظلّوا يبحثون
أُحبّك حبَّ من يرى في الغيابِ
طريقاً وحيداً للحضور.
أيّها الماكث في داخلي كأغنيةٍ لا تنتهي
كلّما حاولتُ الصمت
رَنوتَ إليَّ من بين السطور
وكتبتني كما تشاء .
أُحبّك…
كأنك الغيمُ الوحيدُ في صيفي القاسي
كأنك الوعدُ الذي تأخّر
لكنه جاءَ… في التوقيتِ الذي كنت أنهار فيه.
أُحبّك…
كما تُحبّ القصيدةُ كاتبها
تشتكي من قسوته
وتغفرُ له كلّ مرةٍ لأنه الوحيد
الذي يعرف كيف يُوقظها.
أيّها المتعدّدُ كالفصول
المُمتلئُ بي كما أمتلئُ بك
أنا لا أكتبك
بل أُنصّتُ إليكَ حين تُحدثني عبر قلبي.
أُحبك
لا كما يُحبّ الناسُ بعضهم
بل كما تحبّ المجرةُ نجمها الوحيد
تدورُ حوله وتُحترق به
ولا تطلب منه شيئاً…
سوى أن يظلَّ موجوداً.
يا من تسكنُ اللغةَ والغياب
يا شِعري حين أخرس
وذكراي حين أنسى
هل تعلم أنني حين أقول أُحبك
أعني:
أنك بدايةُ كلّ المعاني
ونهايةُ كل الرحيل.