هنا، في البعيدِ الذي كنتَ تحياه في قربِنا،
وهناك، في البعيدِ الذي تعيشُ متاهاتِه،
لم تكن، حتى مجازًا، صديقي…
ولا شيء، إلاك في سلة المهملات، يدلُّ عليك.
لم يَعُدْ ما يُسِرُّ الصداقةَ فيك
سوى سلةِ المهملات،
ولم يَعُدْ ما يُغِيظُ العِدى منك
سوى جملةٍ لا محلَّ لها…
لم تكن ذاتَ يومٍ شهيَّ الصداقة،
والأصدقاءُ لم يَرَوكَ
إلّا غُثاءً من يقظةٍ
تتخبّط فيك، ويتكاثف فيها المتاهُ المديد.
لا شيء، إلاك،
تدورُ المتاهاتُ في غيّه،
ويميدُ إليه الضلال،
وتنسى الأمهاتُ رغائبَ أحلامِهِنَّ
إن مررتَ بذاكرتهنّ وجعًا من آهةٍ،
أو نهدةٍ لا قرارَ لها …
هنا، في البعيدِ الذي كنتَ تحياه في قربِنا،
لن يجد أحدٌ أثرًا يدلّ عليك.
وهناك، حيث ضمّك فضاءُ الشتات
في يقظةِ الحلم،
لم تكن إلا موردًا للنكد.
لم يَعُدْ يُناظِرُكَ الانتظارُ هنا،
في أفقِ هذا البلد…
وهناك، في البعيدِ الذي تعيشُ متاهاتِه،
لا شيء يدلُّ عليك
سوى تراكمِ هذا الرثاءِ المهين.
تعز