في زقاقٍ ضيّق،
تتقاطع الأرواح كما تتقاطع الأسلاك المحترقة.
لا صوتَ للزمن،
فقد ابتلعه الفراغ،
والماءُ لم يَعُد ينسابُ إلا كذكرى.
ثمة أطفالٌ يتسلّقون جدرانَ الغياب،
يبحثون عن ظلّ أبٍ لم يعد،
عن رائحة عشاء لم يُطبخ،
عن دفءٍ لم يجرؤ الشتاء على حمله إليهم.
الوجوهُ متعبة،
لكنها لا تنكسر،
كأنها خُلقت من صخرٍ يعرف كيف يئنّ بلا صوت.
في كل بيت،
غصةٌ لا اسم لها،
ورغيفٌ مؤجل،
وصورةٌ على الجدار لا تُنسى،
كأن الجدران تحفظُ الحكايةَ أكثر من البشر.
لا أحد يسأل عن السبب،
فالأسئلة تُطلق النار على أصحابها.
ولا أحد يجيب،
فالإجابات تحتاجُ إلى منابر لم تُقصف بعد.
كل شيء باقٍ…
عدا الضحكة،
فقد تركت المكان منذ زمن،
والمائدة لم تعد تنتظر ضيوفًا،
بل تترقب سقوطَ مزهريةٍ
تُخبئُ في جوفها عُملةً معدنية صدئة،
كانت يومًا تُسمى أملًا.