من أرض الله النائمة على ورق الزيتون، الشاردة في عيون الحجارة..
من مئذنة الله الأولى وهي ترتب موعد الصلوات في عنب الصبايا..
من مهد الرسالات والموّال أعمى يعرج إلى السماء المرفوعة كأنها مرآة الوجود..
إلى آخر نجمة تومض ثم تجهش كيف تبكي، وتنهيدة الورد تقطفها اليد العذراء في الحقل الخجول، هي الضفائر يا أماه يلفّها ملح الشتات..
هذا صليل الدمع والخيل متعبةٌ لا تعرف الأفول، أُعزّي انكماش السيف في غمدٍ عليل..
أيا أماه، لُمّي من رخام القدس أضلاع العروبة، وشتّتي فينا الضياع من البداية، نحن عقارب الساعة العربية الثكلى وتجاعيد الشخوص الكئيبة..
مؤذّنون إلى الموت قبل تاريخ الشفاه، التبستْ وجوهنا والريح تذروها، تقمّصنا فكرة الشجر الربيعي ودوننا تسقط الأوراق والثمر…
نحن الهاربون إلى المنفى علانية، والقدس ينبوعٌ ينادينا على لهفٍ، نمشي على القدس أغراب كأن حتى الموت ما عاد يعرفنا..
.. فلسطينيون نعرج في الأهوال، مثقوبون من حزن ليس تعرفه العروبة، نحنُ الهاربون من هوس المجازر إلى لحدٍ ليس يأوينا، ضاقتْ بنا التين والزيتون واتسعت بنا سورة الشهداء..