في أعماق الفكر، حيث لا يصل الضوء،
يقبع ظلٌ صغير، ملتفٌّ على نفسه،
كأنه بقايا صرخة لم تخرج،
طفلة لا تبكي، لأنها تعلّمت أن الصمت أكثر أمانًا،
وأمٌّ بعينين مغمضتين،
ليست نائمة، بل تحاول إخماد العاصفة داخلاً.
العقل ليس بيتًا هذه المرة،
بل متاهةٌ مُظلمة،
ضاعت فيها أحلامٌ صغيرة،
ومرّت فيها سنوات الطفولة دون احتفال،
تلك الطفلة التي تحبسها في القفص،
هي ذاتها التي كنتِها ذات يوم،
قبل أن تعتادي كتمان الانهيار بابتسامةٍ وادعة،
وقبل أن تتعلّمي كيف تُغلقي فم الألم بالشِعر أو السكوت.
إنها ليست خائفة من العالم،
بل من ذاك الصوت الهامس في عقلها،
الذي يذكّرها دومًا بأنها ليست كافية،
وأن الانفجار ممنوع،
وأن الضعف عار.
ذلك القفص ليس معدنًا،
بل هو نظراتٌ قاسية،
وأحكامٌ مسبقة،
ومرات لم يُصدّق فيها أحد وجعها.
هي لا تريد أن تُنقَذ،
تريد فقط أن تُفهَم،
أن تُنصَت لها،
أن يقول لها أحدهم:
“أنتِ لستِ وحدكِ… لم يكن ما شعرتِ به جنونًا.”
لعلها حينها تفتح عينيها،
يبدأ القفص بالتلاشي…