أتيت إليك يا أبتي
لأروي قصة المأساة والألام
والأحزان مذ بدأت ،
أكسر ناطحات الصمت
والابراج في شفتي
أتتني من رمال الحقد أفواج
تكشر عن حماقتها
وتفصح عن بلادتها لتسرقني
وقد سرقت كفوف الرمل والصحراء
أموالي وقافلتي
أتتني من بحار الظلم أمواج
بساط لسانها النيران
وماء نفوذها الطغيان
تعدّ الحد …
أغرق كل أسلحتي وأشرعتي
ورغم مرارة الألام والأحزان في مدني
غسلت دماغي المملؤ رجسا من محبتهم
بماء معابد الزهاد والنساك مرات ومرات
فعاد بثوبه الوضاء مؤتلقا
يؤدي سائر الصلوات
على سجاد ذاكرتي
عجنت فتات أشلاء ممزقة
هنا وهناك لأصنع سلما منها
وأرقا المجد
أسامق في السمو النجم
بإيمان وإصرار أفتش عن حما أزلي
وعن طينيتي السمراء في أعتاب مملكتي
على أعتاب مملكة تساوي ألف مملكة
بها أنهار من لبن ومن خمر ومن عسل
مدائنها مرصعة بالياقوت والمرجان
يداعبها الهواء الطلق وورد شقائق النعمان
تغطي غيمة الكلمات سائرها
مآذنها إلى العلياء سامقة
تقبل تحضن الأجواء
وصوت الرعد يعلو من منابرها
يسافر في المدى عبقا
يفردس سائر الأيام والأزمان
بغيث بيانها المدرار
فتبدوا أسيرة الأنظار
ونزهة كل من يأتي من السواح والزوار
تغازل عاشقي الحب
ترقص فوقها الأقمار
على أيقاع مفردتي وأغنيتي
وفوق جوادي العربي
دخلت بلاطها الذهبي
رأيت العرش تحمله ملائكة من الأدباء
والشعراء والكتاب والنقاد..
دهشت لمنظر أبدي
أهذا عرشنا الأدبي ؟!
فقيل : بلى
تربع فوق حرف الضاد منذو بداية الميلاد
وقفت له إجلالا وإكبارا
وسرت إليه والأشواق تحملني
إلى أحضان قافيتي
وفي أحضان قافية
تشد السير حافية بلانعل
مضت بي نحو مخدعها
وفوق سرير القصيد الموشى
بنبض الحروف وروح المعاني
جلسنا معا …
سكرنا بخمر البيان النقي حتى الثماله
وفي لحظة لم أعشها زماني
عرفت الحب قافية أصيله في مبادئها
وفي قانون دولتها أبيحت لي
تداعبني أداعبها
تقبلني أقبلها
وبين فمي تصب رضابها اللغوي فتشفيني وترويني وتنسيني هموم الأمس
تغلق صفحة الماضي
وترسم في عيون الفجر سحر القادم الأتي
على أبعاد خارطة ملونة بلون الإبتسامات
بها حلمي وأمنيتي بها حلمي وأمنيتي
صباح مفعم بالحب فاتنتي
صباح مفعم بالشعر واللاوعي
والشغف المؤرشف في صميم الروح
شلال من العسل…
وهذا القلب أسكبه فناجينا من القبّل
وهذا نبع مغتسل هلمي فيه واغتسلي
وهذه دوحة فيحاء
دعيني أعشعش في حناياها
وأشدوا في خمائلها
ترفرف في سماء الفن والإبداع أجنحتي
هنا في ضل سوسنة أسوسنها
أتمتم بعض آيات من القرآن أحفظها
وأمسحها بوجه قصيدة عصماء أحرسها بتمتمتي
ستبقى قبلتي الأولى وحلم طفولتي الأولى
وبدء وميض صاعقتي
هنا في ضل مملكة تعد الروح في جنبي
وعاصمة لجص الدم في شريان أوردتي
هنا في ضل غانية رقشت حروفها بيدي
على قلبي فصرت متيم صب
أرددها على شفتي
هي لغتي هي لغتي هي لغتي