فِكرةً مُستَعبدةً/بقلم:معين الكلدي

وأنا أُحرِّرُ فِكرةً مُستَعبدةً من قَبضةِ الجُمجمةِ ..
أتذكرُ أنّني خُنتُها ببَيعي لها في ساحةِ النخاسةِ الأدبيةِ بثمنٍ بخَسٍ قصائد معدودات !
كانت برغمِ السلاسل قويةً حينها ..
كيف وثِقَتْ بكائنٍ يَجترُّ مَشاعرهُ مع كل نسمةٍ عاطفيةٍ عابرةٍ لتعيشَ الأسرَ بكُلِّ سوداويته !

وأنا ألجمُ الشَطرَ بقافيةٍ مُحكمةٍ أنظرُ لقلبي النازفِ مِن قَفلتها الأخيرة ..
هذه السكتةُ الموسيقيةُ موجعةٌ حدَّ التشظي ومُقلقةٌ حدَّ ارتكابِ حِسِّ الصدمةِ بعدها .
ورغمَ أنّها لحنٌ مُتكررٌ شَجيٌّ إلا أنها تأبينٌ مَقصودٌ لدَفقةٍ شِعريةٍ حَيّة.

حينما أكونُ مُجهدًا جدًا لا أبحثُ عن كُرسيِّ قريبٍ لأستريحَ عليه بل أبحثُ في جيبي عن ثمنِ القهوةِ وعن مسافةٍ سانحةٍ لأنتحرَ بجرعةِ كافيينٍ زائدةٍ وأتخلصَ من عبءِ الإدمانِ اللعين.
ربما اندقَ ظهري من الإعياءِ و تَحمّضتْ معدتي من جالوناتِ المُنبهاتِ الساخنةِ مُنذُ الصباحِ ولكن لتلك القهوة سرٌّ خطيرٌ لا يفهمهُ إلا صانعُ الكوكايين في أحراشِ كولومبيا ولهذا أجدُ أنَّ قهوتي المفضلة تأتيني من تلكَ الأصقاعِ المزروعةِ بالضياعِ !

تَعبتُ حقًا مِن مُلاحقةِ صور العشّاقِ لي وكأنني أحتاجُ هذا التعذيب البصري لي ..
تعبتُ أصلًا من فكرةِ الحُبِ المُضللةِ وأنهُ خَلاصٌ للقلوبِ والأرواح ..
لا أمانعُ باستبدالِ عاطفتي بمشاعرِ آلةٍ صَماء بالقربِ مني فمالجدوى من حبيبٍ أسهرُ الليالي وأنا أفكرُ بهِ ولماذا أستهلكُ عمري إما باحثًا عنهُ أو ماكثًا في جنباته ؟
كبريائي السخيف هذا لا يدومُ سوى ثوانٍ قليلةٍ قبلَ تَنعُّمي بخيالٍ غراميٍّ عابرٍ أو قصيدةٍ أنثى أبذلُ عمري كلهُ لأعيشَ تفاصيلها الدقيقة .

إنها سيرة ذاتية لتيهٍ متعمّد يومي ولطقس جنوني حميم أعيشه بين الرشفة والأخرى وبين خيال عابر وشوق مستدام وأمل ضئيل في رواء نبتة المشاعر الذابلة تلك . لربما كنت مجلدا ضخما من الآهات ومكتبة مكتظة من الجراح وورقة مقصوصة من الفرح ولكن تبقى التفاصيل المؤلمة هي الدارما التي يعشقها جمهور حبري الكبير !

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!