توطئة:
كلُّ غيابٍ مرآةٌ أخرى للحضور، وكلُّ مرآةٍ تنكسرُ في قلبٍ يتذكّرُ، كنايٍ… يختبئ في خاصرة الحنين.
•••
كأنني أُغنّيكَ للمرة الأولى
ليلٌ آخر،
يعانق نبضَ أنفاسكَ
يتسلَّل بين حروفي
ونجومٌ شاردة تحوم معي.
تختلس المشي
على منحنى خاصرتي،
دفءٌ حنونٌ
ينساب على جسدِ القصيدة،
امرأةٌ
تخبئ في عينيها نوارسَ ضحكتها،
تسند الليل على زندِ حزنها،
وتخبئ في خاصرتها نايًا،
لا أحد يُجيد همس أسراره سواكَ.
وحدكَ هناك
تضيء ابتسامات الليل،
وغنجُ الحكايات التي نهمس بها صامتين.
تتناثر حولنا تمائمُ الأسئلة،
تلملمُ سربَ الصباحات الخجولة.
وفي المسافة بيننا،
تتردّد الأغنيات القديمة
تبحث عن أول اسمٍ
ناديتني به.
هل قلتُ لكَ: أحبُّكَ؟
وكلما فتحتُ كفّي،
يتساقط الزمن،
نهرٌ يعود بي إلى منابعكَ.
يحرس عشب خطواته الندية،
ولا يبقى إلا وجهكَ،
معلّقًا في حنينٍ أزلي،
كدفء عينين
يلتقطهما البحر.
أحبُّكَ الآنَ وغدًا،
زمنٌ آخر يشبهنا
أنتَ الأبدي،
الذي لا يغيب.
ومثلما مطرٌ خفيف
يطرق زجاج الغياب،
أحبُّكَ أكثر
وأكثر.
أغدو فيكَ
كلَّ ما لم أستطع قولَه،
حلمًا يذوب بين أصابعِ الشفق.
كأنّه صوتكَ هناك،
صهيلٌ يسكن أغنياتي
وطعم حنيني المشتهى.
لا حكاية تُفسِّرُني،
فأنا ابنةُ لغةٍ
تطعِم قلبها قمحَ القصائد.
لا أنتظر نبوءةً لأهتدي إليكَ،
أنتَ سؤالي وأجوبتي،
والقيامةُ التي تنبض في قلبي.
أحبُّكَ،
كما لو أن الأغنية لم تبدأ بعد.
أختلس تأويل تمائمي
كلما حلق ذلك العصفور الأزرق في قلبي.
تعرفني،
مثلما أركضُ دائمًا
بفرحي إليكَ،
أزرعُ في كفّي المطرَ
كي يتبعَ خطواتِكَ
قرنفُلًا، وريحانًا، وعنبرًا.
وكلما ناديتَ باسمكَ،
تزهر حدائقُ مواجدي،
أخطُّكَ في الهواء،
وفي ظلالِ الماء.
كلُّ شيءٍ يبدأ بكَ،
ولا ينتهي، أبدًا،
مثل قيلولة النهارات الكسولة،
عصافيرُ تعانق ارتعاشي
وتأنس بالتحليق في صدري.
وحدكَ المقيم هناك
كجرحٍ يشبهني
يراقص فراشات قلبي؛
طريقٌ آخر للوصل.
وفي عمق المرآة
تتكسّر صورتك…
ولا تنطفئ.
كأن الصمت
وجهٌ آخر
لمرايا الغياب.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية