كان يكفي/بقلم:مصعب تقي الدين (الجزائر)

كان يكفي…
أن أريح العمر في خيمة كفيك إذا ما أظمأ الدرب خيولي
كان يكفي…..
أن أعب الغيم من عينيك كي أذخر كل الدمع في الدنيا لأبكي
حينما يرمد عيني ذهولي
علني أرسل نهرا يتهادى نحو حاراتك أستودع للأهل خيالات التمني
و كأن الطفل في الساحات مازال يغني…
غير أني…
حين ألقيت خيالاتي قبضت الوهم … لا وجه لنردي
و غراب الشيب يختال برأسي هازئا من هالة السهد و من شكل ثيابي و نحولي..
كان يكفي…
ثم ضج الرمل فانثال غبار التيه …
موجا قام يجتث قلوعي ..
لم يعد في الجفن غير الحزن كحلا من رماد الزمن المحترق المنثور في درب رجوعي
أمطرت بالأمس أم تلك دموعي!؟..
لست أدري…
فهنا لم يستئذن الحزن من الغيم ليحكي قصة الدمع المراق
و سعال الليل لم يفضحه..
لم أعرف سوى حين فتحت الباب صبحا
و لمحت البرك امتدت على طول الزقاق
لم تقل رائحة التربة شيئا… و ارتعاش الماء في الشارع لم يفصح سوى عن أثر الخطو.. و لم يبك على الماضين في درب الفراق..
كانت الغيمة في ليلك تحكي دورة الخلق من البحر إلى الشرفة في طقس عناق
كنت أدري أنها تمطر إذ يرتعش السقف و تصطك شبابيكي لتمتد إلى الغرفة أنفاس التراب
و صغار الريح تلهو بالفوانيس المدلاة عيونا أطفئت في كل باب
و يشق البرق جيب الليل يستطلع شكل الحزن في كوخ المساكين… و طعم القلق المزمن في شارعنا الغارق في نهر ضباب
كنت أدري حين يأتي صوت ” فيروز” عصافيرا تغني
قصة المقهى الحزين…
أمل الجوعى… و إيمانا قديم صار كحلا في عيون الطيبين
و مناديل حنين
و فراشات أحاطت بلهاث الياسمين
فخذيني مرة للشارع الشتوي … و المقهى الحزين
و دعيني أرشف الذكرى بفنجان سهادي
هادئا أستودع الريح رمادي..
صار يكفي أن أرى أنك خلف الحلم و الغيم الرمادي
و بأن الحزن في عينيك أضحى مزمنا كالخوف في ليل بلادي

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!