كبرتُ فجأة/ بقلم:عمر محمد العمودي

كبرتُ فجأة، كبرتُ في لحظة..
كبرتُ حتى رأيت ظلّي السائر بعدي يمتد على الغد
كبرتُ حتى ما عدت أعرف ما الغياب وما صفاته
ضاق الكون بي، أو اتّسعتُ عليه
وعشت الليل والنهار معًا في كل لحظة..

قلّصتُ أمتعتي إلى مسرّات صغيرة باتّساع كواكب
وبخّرتُ قمصاني الحريرية بمحرقة التهمت كواكب أخرى.

كبرتُ عن الذهاب؛
فما من خطوة أخرى تحملني إلى الأمام
وما من مساحة تعيدني إلى البدء.

وإن كنت كبرت على الذهاب
فأنا _ بذات القدر _ قد كبرتُ على البقاء.

كبرتُ، وجلست وحدي
كهل الوجود الحي
أتّسخ وأغتسل من العالم كقطة سوداء
أمحو المحيطات من جبيني
أزيل الجبال من تحت أظافري
أذوّب الجليد بدمعة لا تذوب
ثم أطلق فيضانًا صامتًا يُغرق الأكوان.

كبرتُ ولم أجد مهدًا للزمن،
الزمن طفلي العنيد
الذي أفتح له كفّي ينام عليه،
وأمنحه خطوط خنصري،
ليلهو ويخط بها دروبًا لم تطأها أي أقدام عابرة.

كبرتُ فانطفأت خيالاتي
لم أعد أحتاجها، لم تعد تصلح لحملي.. حتى إلي
ولم يعد في وسعها ملء اسمي..

فعادت تهرول في فراغات لا تُرى
تقودني إلى الديمومة الأجمل
إلى عنق صعدتُه مرّة..

لأنّي لم أجد طريقًا للنزول، ومخرجًا منه.. حللتُ فيه

كبرتُ.. لكن كيف؟
كيف صعدتُ إلى الأعالي بمفردي؟
وكيف أعود الآن، وأنا لم أترك أثرًا من بعدي؟
كيف أفكّ ارتباطي من شامة في العنق
أفضت بي إلى الأبد العليّ ..

الآن، الآن هنا..
لا بداية،
لا نهاية
لا أنا!

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!