بتنهيدةِ شوقٍ
سافرتُ من شقوقِ ظلالي
أُشاكسُ حنينَ الوردِ في صدركِ،
وأفتحُ وجعي لريح الشمال التي أضاعت الجهات
كأنني آخرُ المدن المنحوتةِ على نهدكِ…
ذلكَ الشاطئُ الذي يغرقُ في ظلمةِ الشمس
ويستحمُّ كلَّ فجرٍ بندى حُلمكِ المستحيل..
لم أرَ مثلكِ زنبقة ترسمُ حلمةَ نهدِها
على دفاتري
فتولد القصائدُ عاشقاتٍ صغيراتٍ
يقفزنَ في قلبي كفراشاتٍ من لهب…
علّمتِني دلالَ القبلةِ الأولى
فصرتُ كالطفلِ يتلعثمُ في نطقِ الشغف
وفي كلِّ تنهيدةٍ
أُبصرُ الدنيا على أوتارِ القلق،
وأتعلّمُ أبجديّةَ روحك
كما يتعلّمُ العابدُ ترتيلَ صلاته الأولى..
في ظلمةِ الشتاءِ
أحضنُ اللحظةَ
كما تحضنُ العتمةُ نورَ الذاكرة
وظلّانا في نشوةِ القبلةِ
كنهرٍ يبحثُ عن مستقرّهِ في جسدِ الآخر…
أنا الذي لا يعرفُ وجهي
إلا حين يراكِ!
كم كنتُ غريباً
أقفُ بين الشمسِ وانعكاسِها
ظلّاً ثقيلاً بلا دهشة
كوجهٍ قديمٍ في لوحةٍ صُنعتْ للفرجةِ
وكلُّ من فيها يتظاهرُ بالبكاء…
أُلقّنُ الصمتَ عذبَ الكلام
وفي خلايا القلبِ
يندلعُ صهيلُ الحرف
يخرسُ أفواهَ الليل
ويوقظُ حلمكِ من نومهِ الطويل…
لا أرى الأشياءَ إلا من نافذةِ عينيكِ
تلكَ النظراتُ التي تمتصُّ الألوانَ
من وجهي المُتعب، وتُعيدُ تشكيلَ ملامحي
في ضوءِ الحنين…
أرنو لوجهكِ
كأنَّه نشيدُ خلاصي في زمنٍ ضائعٍ
تفاصيلُهُ متاهة
لكنني أمضي…
بريشةٍ سوداءَ ترسمُ الحياةَ
طريقاً للحالمين
وعصفوراً فوقَ شجرةٍ ميتة
تعلَّم كيفَ يطير من دونِ قدميه…
في وطنٍ من مرايا جاحدة
شبكتُ آخرَ ممرّاتِ العمر
وسرتُ نحوكِ
كومةَ رمادٍ لا تحترق
أفضحُ هشاشةَ الخوف
لأولدَ ثانيةً
في زوايا النسيان…
تُعلّمني قبلتُكِ
كيف تكتُبُ النارُ نشيدَها على جسدي، وكيف يولدُ الشعرُ
من وردةٍ في ضلوعكِ..
على هذه السجيّةِ أمضي،
بنور القبلة الأولى..
أمضي كما يمضي الضوءُ في شقوقِ ذاكرةٍ
نسيَها الوقت، لكنّها لم تنسَ خطواتِ عاشقٍ
نقشَ اسمَكِ فيها