آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية
منذ أحببتكِ يا حلوتي وأنا أخشى لحظة الرحيل،
حاولتُ كثيرًا أن أتصوّر عدم وجود نهاية مؤلمة لحبنا،
أوهمتُ نفسي كثيرًا أن أعانقكِ للأبد،
صنعتُ ثقةً عمياء من العدم أننا لكلينا،
أبصرتُكِ بعيونٍ خضراء،
وزرقاء،
وعسليّة…
أبصرتُكِ حقلًا من زهور النرجس والأقحوان،
أبصرتُكِ عذوبةً من زلال أنهار الله،
أبصرتُكِ بُنًّا يمنيًّا من جنتي سبأ…
خِلتُكِ خلودًا لا تُفنى مفاتنه،
وبنيتُ على بقائك آمال وجودي،
رصَّعتُ عمري بجواهر أثوابكِ البيضاء…
لم أتصوّر الطريقة التي نستدير خلالها بظهرين يحملان خناجر مجهولة!.
أنا أنا يا بستان عمري غرستكِ بذرةً بذرة،
لِمَ حصدتني غدرةً غدرة بمنجلٍ فتَّاك؟
أنا الذي بنيتُكِ عُشًّا عشًّا بحنكةِ طائر،
لِمَ خنقتني عصفورًا عصفورًا بقسوةِ طفل؟
هل كنتُ أستحق أن تسحقيني بطريقة تجعلني كالهشيم؟
ماذا فعلتُ لترشِّي ملح المواقف في جروح الوداع؟
حبيبتي،
آه ليتكِ على الأقل تنكّرتِ بهوية أخرى وأنتِ تخنقيني،
لكنتُ تجاهلتُ أصابعكِ التي أعرفها وأنتِ تغرزيها في عنقي،
لكنتُ تجاهلتُ معرفة دفء أنفاسكِ المألوفة على رقّة شفاهي،
لكنتُ موّهتُ ذاكرتي عن كل تفاصيلكِ التي لا يعرّفها بدقّة
أحدٌ سواي…
أنا ميّتٌ الآن،
وطريقة موتي مرعبة جدًا…
العالم كله ضحيّة هذا الرعب الخافت.
