كلمة السر.
تخاصمتُ مع أخي الأكبر ، ولا أدري لماذا؟ وهو يكبرني بسنوات قليلة ، ولكي ينتقم مني لم يفتح لي جهاز الحاسوب الخاص به الموضوع على الطاولة في احد زوايا الصالة…
والحاسوب له كلمة سر… فقام أخي بتغييرها…
لا أستطيع أن أمارس هوايتي المفضلة ، الألعاب الإلكترونية ، ولا أتحمل أن أطلب منه الصفح ، وهو يريد ذلك .. لن أتذلل إليه ، لن أفعل ذلك ولو كان يستحق، فهو الذي اخطآ في حقي…
وبقيت لثلاثة أيام أتعذبْ..
وفي ليلة اليوم الرابع … حلمت بكلمة السر !..
بمجرد أن نهضت صباحا ، وحتى قبل أن اغسل وجهي وأشرب قهوتي توجهت الى الحاسوب وشغلته، ثم أدخلتُ كلمة السر فظهرت الصفحة…
وفرحت كثيرا ولعبت …
كانت كلمة السر اسم ولايتنا …
عانقني آخي ، و ضمنّي بشدّة وقال متأثرا:
ــــ لم أكن أعتقد ذلك!… فآنت مثلي تحب مدينتنا الجميلة!…
فلونة.
فلونة ، قطة مسالمة ، هادئة ، سوداء اللون ، أتدرون لماذا أسميتها فلونة؟…
كان لي ثلاثة أولاد، أكبرهم يعمل أستاذ الآن، وكانوا مشاغبين، مثيرين للفوضى و الضوضاء، يكثرون من الصياح في الشارع كما في البيت !
لم أتمكن من السيطرة عليهم، ولا حتى بحزام سروال والدهم الجلدي !..
أتدرون متى يهدؤون ويصمتون ، فيتحولون الى جمادات ، الى كائنات عجيبة ساكنة! فقط حينما يجلسون إلى التلفزيون ، يشاهدون حلقة من حلقات المسلسل الكرتوني فلونة!..
وكبر الأولاد ، تفرقت بهم الأيام ، و أذكرهم دائما ، وأشتاق إلى شغبهم ..
وكلما تشوقتُ إليهم ، ناديتُ تلك القطة لكي تستلقي بجانبي ، فهي تؤنسني في وحدتي…
انهيار.
قام الرجل فجأة وكأنه قد جن جنونه واحتضن جثة ابنه ، وظل يصرخ ، ويقول :
ـــــــ يا ابني ! يا حبيبي …
كانت يداه تعتصران ابنه ، وهو يضمه الى صدره ، ويُلصق وجهه بوجه ابنه ، ويصرخ :
ـــــ بني … كيف أستطيع أن أعيش بعدك ؟…
استمر يبكي ويصرخ بدون توقف ..
اندهشناَ لحاله ؛ في البداية كان متماسكاً لكنه انهار …
كانت قلوبنا تتألم لذلك المشهد ..