بينما الليل مستغرق في غفوته
يمسك الفجر فرشاة الضياء
ويرسمني ابتسامة ساحرة على وجوه الكائنات
ثم ينثر بريق ضحكاتي في حقول الزنبق
فتسري مع أنفاس الريح عبر فتحات الناي
كي تدندن بألحان الخلود
وترقص على إيقاعها أقحوانات الروض..
أنا كالفجر يختزن بين أنواره
أصداء حناجر الوداع
ويمضي مع أسراب الآهات
إلى أشرعة الرحيل
يوقظ العيون المسافرة خلف الأزقة المنسية
في ذاكرة صدأت من طول مسافات الغياب
يصافح أنامل الضباب
ويزيح الغبش من نوافذ الشرود الباردة..
بين ضفاف المسايا
أطرد من قلبي كل من خذلني
واعترض طريق أحلامي
أرتب أسماءهم على اللائحة السوداء
وأحفرها برمح الخذلان الذي أشعل مواجعي..
بعد ليل ممتلئ بالضياع العابر
يفاجئني الفجر بسؤال باكِِ
لم ترتدين قناع السعادة
وفي قلبك أوجاع لا تنام؟!
من يرى ذلك الثغر البسّام
يجهل أن بريق الأحداق موشوم بالأنين..
يا لقهقهاتي المؤقتة المتعربشة على الخدود
يا لذاكرة الحنين المتأجج وراء الفقد
الآن الآن ستنطوي مع الرقاع خطوط الحزن
من باطن يدي
الآن فقط سينبت اللوتس في روحي العجفاء
لأنعم حينذاك بالإصغاء إلى صدى الكناري
وهو يصدح بتغاريد تعانق براعم الفجر الندي.