إلى( ديك الجن )العاشقُ الأحمق
عزيزي يا صاحبَ الظلِّ الطويل!
“ها قد حلَّ الخريف!
فصلُ الحنينِ والرحيل !
وما زالَ ظلُّكَ بعيدًا عني!
تقولُ جودي أبوت في رسائل الغياب!
أما عنِّي!
فها أنا أقلِّمُ أظافرَ الذكرى!
و أبكي!
ثمةَ صمتٌ أنيقٌ يستفزُّ بوحي كلما راودَتني شِقوةُ شَكوى!
و شهوةُ ثرثرة!
تصطفُّ الكلماتُ بقلبي دفعةً واحدة!
كجنودٍ مدرَّبينَ على الخوضِ في معاركِ الورق!
لكن !!
وحدَه قلبي يرمُقُها بعينِ المنعِ عن الركضِ بهِ في ساحاتِ سطورٍ سادِيَّة!
وحدَه قلبي يحتاجُ للصمت!
طويلًا طويلا!
للوقوفِ كفزَّاعةِ اللاوقت!
لِرَمي كثيرٍ من حجرِ الضجر في بحيرةِ انتظار!
وحدَه يحتاجُ لحفنةٍ من عهودِ صبرٍ ليعبرَ الجسر مطمئنًا !
و لعقارٍ يَشفِي تُخمةَ الذاكرة!
أواهٍ يا أبتي!
ليتك كنتَ قاسيًا!
لأقسو!
لأستردَّ بقايا كحلِ ليلي من عينِ الأرق!
ِلأُجَنِّبَ قلبي جماهيرَ الهزائم !
و لأُصَوِّبَ بندقيةَ الوقتِ في جبينِ غِياب!
هكذا !
ببَسالة!
هكذا !
ببَساطة!
لكنِّي انتهيتُ كما انتهَت( ورد) !
و رابَني ما رابَها من ( ديك الجن) !
ذلك العاشقُ الأحمق!
عادَ أخيرا!
و ليتَهُ ما عاد!
ليتَك أبقيتَ على ساعي البريد ببابي!
يحملُ إليك أشواقي كزاجلٍ عريقٍ في وظيفةِ الشوق!
يعبُرُ بها حدودَ المدارات!
لتُجفِّفَ الطريقَ من دمع عشاقَ جُدُد يأتونَ بعدَنا!
ليتَك أبقيتَ على حرائقِ قلبي في انتظار لقاء !
ليتَك ما أطفأتَها بِبُرود رجوع!
أو ليتَني !
شيَّعتُ قلبي على نعشِ الجمودِ قبلَ أن يصيحَ حَرَسُ الحدود:” ها قد عاد”
سقطَ تمثالٌ!
توقفت الأجراس!
ما عادَ في المجهولِ شيءٌ لنكنشفَه!
ما عادَ خلفَ الطَّودِ وجهٌ لِننتظِرَه!
فها قد عاد!
عادَ!
وما عاد!
بعضُ الحبُّ يا أنت يُقتَلُ بالتَّجنِّي!
بنظرةٍ شكٍ رمادية!
بكلمةٍ محمومة!
و ظنٍ مفخَّخ!
قتلتَني!
فارتدَّ نبضي عن دينِ قلبِك!
قرعتُ أجراسَ سلامتِك!
و تهيَّأتُ للانسحابِ من أوطانك!
هذه أنا!
فإن شئتَ!
فكُن لي في الحُب (توبة) !
أكُن لكَ( ليلى الأخيلية)!
وإلا !
فارحل كرحيلِ ( ابن الريب)
ولكن!
لا تمت بثقل الحب!
مت فارغا مني!
ولا تعد!
أولُ هزائمِ المرء ما أصابَت عرشَ قلبِه!
أصابَت ثقتَه بأنَّ الحبَّ يبعثُنا رُسُلا ليُطمئنَنا!
لا ليخيفَنا !
خُلق الحبُّ لِتتَّكِئَ روحٌ على روح!
لا لتشيخَ في مَشارفِ الظن!
و على منابر التبرير!
يُصلَبُ الحبُّ بِشَفيرِ شَك!
يُعَلَّقُ على مشانقِ الفراغِ بحبلِ يقين!
فهَبني موتا!
هبني فناءً !
هَبنِي غيابًا أبديًا!
و انسَنِي!
ولكن!
لا تهب قلبي نزعةَ شك!
فإنِّي خُلقتُ من طينٍ!
يجفُّ!
يجفلُ في صَحوةِ مطر!
ليتني وهبتُكَ سكتةً قلميةً أمام حماقاتك!
ولم أكتب هذا الذي كتبتُ الآن!
لكنّي!
آثَرتُ أن أخرِقَ بالوناتِ نرجِسيَّتكَ بدبابيس صبري!
مَن أنت لتطغى!
أنت الصفرُ في كأسي وهاقد فاضَ بك!
مَن أنت ؟
تلوكُ وهمَك المريرَ!
لتبصُقَهُ ببواتقِ جنون!
أَأَغرَّكَ منّي صبرٌ رحيب؟
أأغراكَ حبي!
و أمِنتَ غضبي!
فارحل!
فإنّي اليومَ أنقضُ عهدَ صباباتي!
ما عادَ في وِفَاضي فجرٌ بهِ أُعَلِّلَكَ!
ولا في الروضِ وردٌ به أُكلِّلُك !
أهدَرتَنِي!
أسرفتَ في امتحاناتي!
وامتهانِ دمعِ اصطباراتي!
ارحل!
فقد فاتَ الفوتُ لأكتبَ !
يا أنت!
يا مَن أحلتَ عناقيدَ قلبي لأهازيجِ نوحٍ!
و مواويلِ بُكاء!
ارحل!
هناك!
لامرأةٍ أخرى!
و أكمِل معَها لعبةَ (جنونك)
فقد قتلتَ (وقاري!)
ارحل!
يا صاحب الظل المريض!
أما عن “جودي أبوت” فقولوا لها”:
عاد اليوم صاحبُها!
لكنه!
لم يكن(جيفرس)!
بل كان شيئا من ( خرافة رواية)!
و (خيالِ كرتون).
أخبروها !
أنَّ بعضَ مَن نبيعُ العمرَ في انتظاراتهم
يشتروننا كبضائعَ مُزجاة بدرهمِ شَكٍ !
و صاعِ شعير.