أنا كائن وسواسي حد
النخاع
وإن شئت فقل :
– ممسوس بالوسوسة
من قمة جمجمتي
حتى أخمص روحي
هكذا وجدت نفسي فجأة
بعد أن غادرت قسرا
دهشة الطفولة الأولى
ومنذ ذلك الوقت وحتى
هذا اليوم الذي بلغت فيه
من العمر عتيا
وأنا لا أكاد أثق أو أصدق
بكلام الناس
ولغطهم الفارغ الذي تضيق
به المقاهي
ولا بالأحداث والوقائع أيضا
ما لم يصفعني منهما
شرر متطاير أو رماد أراه
يتكلس
على نوافذ المدينة
فإذا قال أحد ما ، على سبيل
المثال :
– كنت عند خاصرة البحر هذا
الصباح
وابتهجت عيناي بمشهد عرس
للنوارس
لا أصدقه حتى ألمس آثاره في
اليوم التالي في المكان :
– كأن أعثر على وردة من بقايا
العرس
أو قطعة حلوى
أو ريشة بللتها القبل
وإذا ما ارتاب أحد ما بنذر للحرب
وقال بصوت مهزوز :
– إنها على وشك أن تستعر وقد
صارت خلف الأبواب
لا أصدقه أيضا ، ما دام أن المدينة
لم تغرق بدخانها حتى الآن
ولم تزعق بعد في آذاننا المتوجسة
صفارات الانذار
وإذا ما هجست شامتا أو مندحرا
عاطفيا أو أخرقا عابثا
يزعم نكاية بي ، أن حبيبتي لن
تذهب إلى المدرسة هذا اليوم
فلن أعبأ بذلك أبدا
وأمكث منتظرا إياها في ذات
الطريق إلى أن تأتي
كما فلاح ينتظر بيقين مطلق
مطرا وشيكا
لا أدري في الواقع حتى الآن
متى تكف شياطين الوسوسة عني
أو تهجع قليلا
لكن الذي يحيرني وأوقعني من
يومها
في جب عميق من الأسئلة :
أن حبيبتي تلك حينما قالت لي
بقلب ملآن أول مرة :
– أحبك
صدقتها على الفور دونما وسوسة
تخشخش في صدري
بل ، دونما أي قدر منها ، وكأنها
كانت حرزا منيعا تحصن به
قلبي
لهذا وجدتني وقتها أرفرف بأجنحة
نبتت لي بغتة
وأخذت تطير بي في سماوات
زرقاء شاسعة
تطير
تطير
تطير
ت
ط
ي
ر
دونما أن تتوقف !