توطئة…
في حضرةِ الغياب، لا تملكُ امرأةُ المسافاتِ البعيدة سوى أن تُقيمَ في تفاصيلها كغيمةٍ تغزلُ من الشوقِ صلاةً لا تنتهي… فثمّةَ غيابٌ لا يُعالجُه الوقت، بل تُضيئه التراتيلُ التي تبقى هناك، حيثُ كلُّ ما يشبهها.
كنتُ أعبُرُ بين الغيماتِ،
مِرارًا مِرَاراً..
أستعيرُ صدفةً من زبدِ الوقت،
وأخبئُ قلبي في جيبِ قميصٍ مهجورٍ لا يطالُهُ أحدٌ.
في يدي
خريطةٌ من شظايا نومكَ،
وصهيلُ ارتباكٍ طَرِيٍّ
يلبسُ ملامحَكَ كلّما اشتد بي هجير الشوق .
تتثاءبُ المدنُ كأنّها تفقدُ ذاكرتها..
حين لا أراكَ،
والأرصفةُ
تغادر خطو العاشقين
يُشبهُ كثيرا وقع طريقتَكَ في الوداع.
هل قلتُ لكَ إنِّي أشتاقُكَ؟
وكلّما مرَّ أريجُ أنفاسي بين نصوصِكَ…
رسمتُ للمطرِ طريقا آخر على أكتافِ الإحتمالات المنسية
ومحوتُ اسمي من قوائمِ المارين بلا أثر،
مثل شمعةٍ تذوب حدودَ جسدِها
لتضيءَ ما تبقّى منكَ
على حوافِّ انتظارٍ قديمٍ..!
كيف يُولدُ الحُبُّ من رحمِ الغياب.؟!
كأنّنا كنّا هناك منذ تلك الولادة،
قبل أن يتسلّلَ النسيانُ مثل لصّ إلى هوامشنا،
يتقاطعَنا السهو،
ويُراكمَ الجنونُ خساراتِه
ومواعيدنا المهجورة.
أشتهي اختلال فوضاكٍ في دمي
كخللٍ جميل في هندسة الإنتظار،
كنتَ تقول لي..
أن تُربكي ارتعاشةُ المعاني بين فكرتين،
و خاصرة الوقتَ اللَّعِينَ
حين تمشين في اسمي.
ها أنا، ظلّكَ الذي لم يغادر دفء عينيكَ
كلّما لوّحتُ للمسافةِ بنسيانٍ خافت
ينهضُ من تجاويفِ الفراغاتِ العابرةَ بيننا
وشاية أحاديثِنا الشاردة.
متشابكة الأنفاسِ
وشمٌ يشبهنا
ينبضُ من جلد اللحظة،
حنونًا.. حنونًا
وفي صدري
يأوي الحنينُ كنبيٍّ مُطارد،
وتتعثّرُ الأحلامُ بقميصك العالق في مرايا الليل
رقصة مشتهاة،
وصلاةٍ لم تُكملها السماء.
وأنفاسي…
منفيةٌ على أرصفةِ صوتِكَ،
تعلَكُها صمتًا في كأسِ الوحشة،
مثل نسكافيةِ الوقت،
أو أمنيةٍ خجولةٍ
ترتجف في ذاكرتي،
كلّما تلعثمتْ نبضاتُكَ في صدري.
كغريبٍ يطرقُ بابًا من حنين.
وما زلتُ أَلْثِقُ باسمكَ
في خبايا الروح،
أناديكَ…
طفلَ قلبي،
أنا التي تؤجِّلُ تراتيلَ موتَها الصغير
على ضفافِ حضوركَ،
امرأةٌ تتوضّأُ بالشوق،
تنامُ على اسمكَ كأنّه وردةُ النّجاة،
سماءٌ لا تُقفلُ أبوابُها،
فقط… يتلوها ليلُ الغيابِ البهيم،
السادرُ بيننا،
جمرٌ ينكمشُ تحت كفَّيْنا
كلّما عزَّ بيننا اللقاء،
وقبلةٌ مشتهاة.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية