وَحِينَ مَضَيتُ وَقَد ثَكَلَتنِي الجِراح ،
طَفِقتُ أَتَأَمَّلُ حِدَّةَ الصِّياح ،
انهَارَ الأَمَانُ ،
وَأصبَحَ الصُبْحُ فِي بَرِيدِ الذِكرَيَات ،
كَومَاتُ رَمادٍ
مُتَطَايِرَةٌ فِي الأرجَاء ،
تُشَوِّشُ الرُؤيَةَ ، وَتَزِيدُ الصِّعَاب
هُناكَ عَلَى الرَّصِيف ،
أُنَاسٌ امتَلَكَهُم اليأس ،
يَمضُونَ فِي رَجفَةٍ تُصاحِبُهُم ،
ضَرَباتُ قَلبِي تَسَارَعَت
وَاشتَعَلَت شَرَارَةُ صَدرِي غَضَبَا ،
آهَاتٌ مُختَبِئَةٌ فِي الأنفَاس
لَا تَكَادُ تُزفَرُ مِن إبرِيقِ الآلام ،
تَنَفَّستُ بِعُمق ،
أَشُمُّ رَائِحَةَ البَارُود
المُحَلِّق فِي الأفيَاءِ ،
قَرَّرتُ أَن أَحمِلَ السِّلاح ،
فَلَم أَجِد إلَّا صَرخَةَ حُلمٍ
تَجُولُ عَلَى السَّوَاتِرِ ،
هُنَاكَ حَيثُ تَسكُنُ الغُيُوم ،
أنظُرُ بِاستِغَاثَةِ قَطَرات
قَد تُداوِي جُلودَاً مُتَقَرِّحَة
وَتروِي عَطَشَ المِئات ،
وَعِندَمَا شَرَّعْتُ الرَّحيلَ ،
أصَابَتنِي العَاطِفَةُ الجَيَّاشَةُ ،
فَأجهَشتُ بِالبُكَاءِ ،
وَأُصِبتُ بِداءِ العَنَاء .