لا عاشق ولا وطن/بقلم: فابيولا بدوي

لا عاشق…
ولا وطن.
كلاكما مرّ بي،
كمن يعبر جسدًا لا روح له،
كمن يسرق اللهفة
ويترك الباب مواربًا للخيبة.

كنتُ ساذجةً بما يكفي لأصدّق وعدك،
وحكيمةً بما يكفي لأنجو منه.

أنتَ —
رفعتني كراية،
ثم أنزلتني مع أول انكسار،
ونسيتَ أن الرايات لا تُهان،
بل تُحرَق.

والوطن —
أحببتُه كما تحب الجرأة أول نجاة
ثم عرفتُ أنه يقدّس مَن يصمت،
ويشكّ في مَن تنزف علنًا.

لا عاشق…
لأن الحبّ الذي يحتاج إلى خضوع
ليس حبًّا،
بل استعمارًا يستنفر مقاومتي

ولا وطن…
لأن الأوطان التي تنكرنا حين نصرخ
لا تستحق غير الصمت البارد،
وظلال النشيد

أنا التي مشت على حوافّ الخذلان،
بكعبٍ عالٍ،
وصوتٍ لا يرتجف.

أنا التي لا تنكسر،
بل يعاد تكوينها —
كصخرةٍ تعرف شكل النهر،
لكنها لا تنحني له.

لا عاشق ولا وطن…
كلاكما خسرني
وأنا لا أدوّن الخسارات،
بل أمرُّ بها كما تمرّ السُحب الثقيلة:
لا أطلب سماءً،
ولا أبتهل من أجل المطر.

لا عاشق ولا وطن،
كلاكما خسرني
وأنا لا أُرمم انتكاساتي،
بل أمرّ فوقها
كما تمرّ الملكات على الأرض المحروقة:
بكامل حضورهن،
ودون أن تعتذرن عن أي خطوة

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!