كنتُ واقفًا على حافة السؤال،
أحدّق في هوّةٍ لا قاعَ لها،
كأنّ الوجود قد انحنى ليُفسح لي مكانًا بين المتردّدين!
يا لهذا الكون…
لماذا لا يُفصح عن نواياه؟
ولماذا نُولد وفي صدورنا ألف استفهامٍ مكسور؟
أنا الكائن الذي مرّ على الدنيا مرور الكوابيس،
حلمتُ كثيرًا… لكنني كنتُ أستيقظ دومًا على صياح الخيبة!
قالوا لي: عشْ اللحظة…
فقلت: كيف أعيشها، وأنا ما زلتُ أبحث عن تعريف لليوم؟
هل اليوم هو الوقت؟ أم هو الوجع المتجدد باسم جديد؟
مرّ العمرُ بي كما تمرّ الشاحنات المسرعة…
تُطلق ضجيجها، ثم تمضي، ولا تترك إلا الغبار!
تعبتُ من الانتظار في محطات لا قطارات فيها…
كل شيء ساكنٌ هنا،
إلا روحي، فهي تهيم في الجهات الأربع بحثًا عن مغزى!
يُقال إنّ الله معنا،
فلماذا نشعر بهذا الفراغ العميق كأننا على سطح قمرٍ منسي؟
أخبروني أننا نُخلق لأجل رسالة…
لكن أحدًا لم يسلّمني ظرف الرسالة،
ولا أحد شرح لي كيف أفتحها دون أن أُمزّق قلبي معها!
يا أيها الوجود،
كُفّ عن النظر إليّ بهذا الصمت البليد،
أنا لستُ عابرًا… أنا المعنى الذي سقط من الكتب القديمة ونسيه الكتّاب!
كل من حولي يتحدثون بلغة لا أفهمها،
يتكلمون عن الطموح، وأنا ما زلت أُرمّم أجنحتي المكسورة منذ أول سقطة!
الحياة؟
يا صديقي، الحياة ليست كما رسموها في الأغاني،
الحياة وكرٌ للحيرة،
ومعسكر تدريبي على خسارات متتالية بلا إنذار!
لكنني، رغم كل شيء…
ما زلتُ أكتب، لأنني حين لا أكتب…
أشعر أني ميتٌ ومغمورٌ في جسدي!
ولأنني حين أصرخ بالحبر،
أسمع رجع صدى الحقيقة من جدارٍ بعيد في اللامكان!
كل الذين مرّوا من هنا، تركوا أثرًا باهتًا… إلا الحزن،
فقد بنى لي وطنًا صغيرًا أسكن فيه، ووزّع لي مفاتيحه كلّما حاولت الهرب!
أنا الذي سأل كثيرًا، وسمِع كثيرًا،
لكنّه لم يجد الجواب، لأن الجواب الحقيقي…
لا يُكتب على الورق، بل يُنقش على جدار الروح!