الَّذينَ غَسَلوا أيدِيَهُم (لِلعَكسِ)
الَّذينَ لَم يَغسِلوا،
الَّذينَ كَسَروا الشيشةَ،
الَّذينَ لَم يَكسِروا،
الَّذينَ عرَفوا (المُلَّةَ) علي،
الَّذينَ لَم يَعرِفوا،
الَّذينَ نَسَلوا الشَّيبَ جَدائِلَ،
الَّذينَ لَم يَنسِلوا،
الواصِلونَ خُيوطَ الشَّمسِ سُلَّمًا،
الَّذينَ لَم يَصِلوا،
المُفلِسونَ في قَوافِلِ الشِّعرِ،
الَّذينَ لَم يُفلِسوا،
الطَّاوُونَ بُطونَ الجُوعِ خَسفًا،
الَّذينَ لَم يَخسِفوا،
السَّابِغونَ وُضوءَ المَجازاتِ تَيَمُّمًا،
الَّذينَ لَم يُسبِغوا،
الغارِسونَ الوَهمَ فَسائلَ الرِّيحِ،
الَّذينَ لَم يَغرِسوا،
المُتَحَذلِقونَ فَذلكةَ الأراجيزِ،
الَّذينَ لَم يَتَحَذلَقوا،
الشَّامِتونَ دونَ هُوادةِ غَيِّهِم،
الَّذينَ لَم يَشمَتوا،
النادِبونَ حُظوظَهُم حَسَراتِ ثَكَالى،
الَّذينَ لَم يَندُبوا،
النادِمونَ أَصابِعُ عَضِّهِم،
الَّذينَ لَم يَندَموا،
الغاطِشونَ لَيلَهُم حَلكةُ صُبحِهِم،
الَّذينَ لَم يَغطِشوا،
القاشِطونَ، خَثرةُ حُمرَةِ الأورامِ،
الَّذينَ لَم يَقشِطوا،
الذّارِفونَ دَمعَ الصَّباحاتِ تَصَبُّرًا،
الَّذينَ لَم يَذرِفوا…
كُلُّ هؤلاءِ لا يُدرِكونَ كَنهَ الطِّفلِ الَّذي يَحبُو في رأسي.
ماذا أفعَلُ؟
كيفَ لي إيقافُهُ من العَبَثِ بأدَواتِ العُمرِ الجارِحةِ؟
البَارحةُ، رأيتُهُ يَقتَرِبُ مِنَ الشَّفراتِ المُعَدَّةِ لِتَقطيعِ كَثافَةِ عانةِ القَصيدةِ،
أَستَبدِلُها بِمِقصّاتِ حَدائِقَ خَرِبَةٍ،
لا يُجدِي الزَّجرُ كُلّما تَوَغَّلَ في التَّمادي.
يُفَلِّسُ حَبًّا،
يَرمِي قُشورَها بِوَجهِ الرِّيح،
يُمَزمِزُ لَيمونَ الدُّيون،
يَعتَصِرُها دَمعَ عُيون،
يَتَفَنَّنُ في حَكِّ فَروةِ ذِئابِ المَعاني،
لا يُدرِكُ شيئًا من تَأَوُّلاتِ المَجاز،
عاكِفًا رِجلًا على أُخرى،
يُنادي بِصوتٍ مُكرَّرٍ لِفَتحِ أَبوابٍ أُغلِقَتْ مُنذَ نَيِّفٍ من التَّمَنِّي،
ضَبَطتُهُ مَرَّةً مُتَلَبِّسًا:
يَرتَدي أَثوابًا فُضفاضَةً على مِقاسِ العِناد،
ضالِعٌ في التَّرَجِّي،
سادِرٌ في غَيِّ التَّجَلِّي،
يَدَّعي الرَّسمَ بِفُرشاةِ أَسنانٍ لا تَصلُحُ قَطُّ لِلبَياض،
زَبَدٌ دونَ مَوج،
يُكَرِّرُ المَوَاءَ كقِطٍّ شُباطيٍّ فَقدَ ذَيلَهُ عندَ حاوِيَةِ الخَراء،
يُكَرِّرُ قهقَهاتِ مَقاعِدَ فارِغَة،
لا يُجدِيهِ مَرارةُ صَبّارِ الفِطام،
ولا وَأدُ الرِّضاع،
يُفَتِّشُ عن امرأةٍ
لا تَلبَسُ البالةَ في سَوادِ الحِداد،
لا تَأتَزِرُ الجُوع،
حِنَّةٌ تُخَضِّبُ رِمشَها…!
.