أخيطُ جرحاً/ بقلم:حيدر غراس (العراق)

أخيطُ جرحاً يَنزُّ بين حناياي،
جرحٌ آخرُ ليس له علاقةٌ بذاكَ الأوَّل،
أخوانِ ليسا بشقيقين، وإن كانا من محبرَةٍ واحدةٍ،
لا يلتقيان،
لا يقتربان،
لا يدركان عظمَ الهوَّةِ، التي لو جُمِعَتْ كلُّ أحجارِ الحقيقةِ على ردمِها، لفشلتْ بذلك.
أين تكمنُ المعضلةُ؟
هكذا يقولُ المتشدِّقُ بالنَّباهةِ،
ليجيبَ الآخرُ:
لعلَّها بفعلِ التَّخديرِ الذي سرى بالأوصالِ، ليستفحلَ كورمٍ خارجٍ عن نطاقِ الإشعاعِ.
الجُرحانِ ليسا لصيقين، وإن كانا صفيقين،
يمتهنانِ المثولَ أمام محكمةِ التمييزِ
بين (الفيش والحنفيش)
– وإن كانت المفردتان غريبتين شيئاً ما على ناطقي الضّاد..!

لم تغوِني وأنا في المهدِ صبياً،
يا تُرى كيف فاتَها ذلك؟
ربما لستُ من أبناءِ السُّلطان.
لا أُنكرُ، كانت مليكةً في العشق،
يا أسفي، لم أكُن ذاك الشيطان!
الشيطانُ الذي لا أعرفُ كيف فاتَه أن يُغويني.
لا أنكر، لستُ ابنَ نبيّ،
هل حقاً لا يعرفُني الشيطانُ؟
مذ عرفتُها، لم أكتبْ نصّاً،
لم تزرْني ملِكاتُ الجنِّ،
لم أعقدْ هدنةً مع بناتِ الأفكار،
لم أتصالحْ مع وساوسي.
كيف له أن يخنَسَ، هذا الشيطان؟

أنبشُ قبورَ اللَّيلِ قبراً قبراً،
أبحثُ عن رُفاتي.
يأتي الصَّدى:
“هنا من نجَوا، أين أنتَ منهم؟
أنَّى لك أن تكونَ حبَّةَ رملٍ بين سبتٍ وسُبات؟
من أبلغكَ أنَّ الخطبَ وقعَ في كتاب؟”
افتحْ حافظتي:
لا أوراقاً أكتُبها،
مغلَقَةٌ دكاكينُ البَوحِ،
إلا من وجعِ جرائدَ صفراءَ،
هذا الذي أخالهُ يراوِدُني،
والذي يكتنزُني حدَّ آخرَ وشلٍ للكأسِ،
يقتفي أثري،
يمسِّدُ الطرقاتِ خلفي،
لا حنطةً لأعود..!

كان نشطاً منذ ساعة،
لم يعدْ للآن.
هل باعَ القصيدةَ في الحانةِ
ليشتريَ تابوتَ الأحزان؟
ربما الأمرُ كذلك،
لكن يا تُرى، من يُقرضُه ثمنَ الأكفان؟
لُطفاً:
أخبروه أن والي المدينةِ
يوزِّعُ الموتَ بالمجّان!

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!