تمر الحياة علينا كما تمر عاصفة رملية بين جبال صامتة، لا يلمسها إلا من يعرف أن كل حبة تراب تحمل قصة، وكل همسة ريح تحمل سرّ الزمن. نحاول الإمساك باللحظة كما يمسك الغريق بالقشة، ونصورها، ونكتبها، ونرددها كتعويذة، وكأننا نخاف أن يبتلعها دهرنا بلا رجعة.
في كل يوم نواجه صراعًا خفيًا، صراع بين رغبتنا في الاستقرار واندفاعنا نحو المجهول، بين الحاجة للأمان والشغف بالحرية، بين ما نحن عليه وما نتمناه أن نكون. نتوه أحيانًا في زحمة الحياة، بين الأصوات والصور، ونكتشف فجأة أن الإجابة ليست خارجنا، بل داخلنا، في صمت القلب، في ثبات النفس، في شجاعة مواجهة الغد الذي يبدو أحيانًا كالهاوية، وأحيانًا كفجر مشرق.
الحياة فلسفة تكتب نفسها في تفاصيل صغيرة: في ضحكة طفل، في دمعة تتسلل من العين، في هدوء الليل الذي يلفنا كما لو أننا نتنفس روحًا أخرى. كل لحظة تمر، كل قلب ينبض، كل فكرة تولد، كل ألم يُشعرنا أننا نحيا، وأن لحظتنا الصغيرة جزء من دهر أكبر، أعظم، لا يُحصى.
لن نخاف الفقدان، لن نتمسك بما يزول، بل سنعيش بوعي، نرى الجمال في الصغائر، نحتضن الألم، نحتفل بالفرح، ونحمل في أعماقنا شجاعة المغامرة. فالحياة ليست مجرد أيام تمضي، بل هي رحلة مستمرة بين السؤال والإجابة، بين الحلم والحقيقة، بين الظل والنور، رحلة تجعل من لحظتنا الصغيرة قصيدة تُحكى للدهر كله…!