مساء الخير…
كان هذا الفضاء الأزرق يومًا ساحةً للبوح، نرسم فوق جدرانه أحلامنا الصغيرة، ونترك عليه بقايا ضحكاتنا وشيئًا من حنيننا. لكنه اليوم لم يعد كما كان… صار مخيفًا، مزدحمًا بالكراهية، مشبعًا بالحقد الذي يفتك بالكلمة قبل أن تُزهِر، وبالنظرات التي تحاكم النوايا قبل أن تُقال.
كل جملة تُكتب، لا تُقرأ كما خرجت من القلب، بل كما يريد القارئ أن يفسّرها… وفق ميوله، وفق انتمائه، وفق ما في داخله من ظلال. حتى حبي لوطني لم يعد بريئًا كما أظن؛ صرت متهمًا لأنني لا أجزئ الوطن، لأنني أراه واحدًا من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه. كأنّ الحب صار جريمة، وكأنّ الوفاء صار خيانة.
فماذا لو تركنا السياسة جانبًا؟ ماذا لو كتبنا عن الحب وحده؟ ذاك الحب الذي لا يحتاج لخرائط، ولا يعرف الجهات الأربع، ولا يُصنَّف تحت رايات. الحب الذي حين يُكتب، يتلقّاه كل قارئ بما يحس، بما يفتقد، بما يتمنى.
وربما… حين نكتب عن الحب فقط، ننجو من شتائمهم، من ظنونهم، من أسوارهم العالية. وربما… نعيد للعالم الأزرق لونه الحقيقي: لون القلب حين يحب.
ومهما اشتد السواد، سيبقى للحب قدرة عجيبة على أن يفتح نافذة من نور، يذكّرنا أن الوطن أكبر من كل خلاف، وأن القلوب مهما ابتعدت، تلتقي يومًا على برّ السلام.
لكم أفكاركم ولي وطني
عائشة المحرابي