ما كنتُ لأهتدي لي لولاكَ/بقلم:عائشة بريكات (سوريا)

ما نسيتكَ
لكني ما استطعت أن أُسلِم
قلبي لك دفعة واحدة
كنت أخاف أن يُتوفّى
فأُبعث على هيئة قصيدة
لا نبيّة
ولا صبر لي إن مُدَّ لي بسُؤالك

قالوا:
اهجريه
فأتيتكَ أربعين حنيناً
بأحلامٍ شِداد
حتى إذا ما رأيتكَ
انخلع لُبّي
كما العابر في الوادي يرى ناراً لا تحرق
لكنها تقول : لا تخفْ
إنك بالوحي لستَ غريباً

أتأملكَ
كما يؤمن العارف بسرٍّ
لم يُفصَح عنه
وأقرؤكَ على قلبي
آية لا تُدرَك بالحروف
لكنها فاتحة دمعة المساء

وحدكَ
تُقيم عليّ الحُجّة
كلما استكثرتَ نداءاتي

– ربي إني لما أنزلتَ إليّ
من خيرٍ فقيرة-

فإذا بكَ..
الخير والمُنزَّل والدعاء معاً

يا منْ اتّخذت من وحدتي
محراباً
أراكَ في كل سجدة سهو
وفي كل نفس طُهر
وفي كل تردّدٍ ظن
أنكَ الذي أتى به الغمام

فما لي لا أراكَ
إلا حين يُبشَّر بي المستحيل
وما لي لا أُنادى باسمكَ
إلا حين يُهمَس لي بسرٍّ
يفوق احتمالي

دعني أحملكَ
كما أُلقِيَ على منامات الأنقياء تأويل لا يُحتمل
كما حُمِّل الشعراء وِزر الرؤيا ولم يُصدّقهم أحد
كما حُمِّل العاشقون ثقل الحدس ولم يكونوا أنبياء

كنتَ أقرب من وهم الحلم
وأبعد من سبيل لا يُرتجى فيه الهُدى

كلما دعوتكَ
لم أجد إلا ظني لكَ سبيلاً
وكأن أستغفرك ربي وأتوب إليك
قيلت في محراب غيابكَ
لا بمعصيةٍ
ولكن بوجلٍ من فرط الحب
وخوف أن يُحتسب
هذا التعلّق عبادة

كنت أريدكَ
لا بصراً
بل علامةً تردّ الحزن عن قلبٍ
ابيضّت عيناه من شدة الحبر

فهل كنت بلاءً حسناً
أم سرّاً من آيات الغيب
لم يُؤذَن بالظهور بعد له

إني رأيتكَ في المنام
يسقط عن السماء جُلبابكَ
وترتق شقوق قلبي
كما رتقت الملائكة شق السماء
لئلا يُفضح سرّ الأزل
أمام عيون التراب

وهل كان يكفيني
أن يُنفَض عني الرّان
لأبصر فيك النور دون فرقان
أم يكفيني
أن أُطيل التضرّع في موضع مررتَ به
كأن الحنين فيه دعاء لا يُرد

وها أنا
أقف على عتبة دعوتي الأخيرة
لا أنتظر منكَ وعداً
ولا رجوعاً
فقد تعلّمت أخيراً
أن بعض الأنبياء
لم يُبعثوا إلا امتحاناً
لأقوام لم يُكتَب لهم
أن يؤمنوا

وأن بعض القصائد
قد تُلقى لتهلكَ كاتبها لا لتنقذه
وأنني سأُبعث يوم القيامة
في يميني ذنب
لا أدري
هل هو شعري لك
أم حكايتي!

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!