سُرِّجْتُ مِنْ لَيلِ الغيابِ،
وَأَطلَقَتْنِي الرُّوحُ نَحوَ الغَمَمِ،
فَانفَتَحَ المدى كَنُبوءَةٍ فِي الحُلُمِ،
وَأَزهَرَتِ الصَّحراءُ فِي جُرْحِي،
وَأَثمَرَ العَطَشُ نُورًا يُنَاجِي الألَمُ.
أَنْتَ فِي سُؤالي المَخْفِيِّ كَوْنٌ،
وَفِي جَوَابِي وَعْدُ مَنْ يَتَقَدَّمُ،
أَنْتَ الضِّياءُ إِذَا تَكَسَّرَ جِدَارُ،
وَفِي العُتْمَةِ تَزْهُو الزُّهُورُ وَتَبْسِمُ.
يَا سُلْطَانَ وَجْدِي،
كَيْفَ يَسْكُنُ فِيَّ نِدَاؤُكَ وَالمَدُّ يَحْلُمُ؟
مَلَكتَنِي كَمَا تَملِكُ النَّارُ رَقْصَ الرَّمَادِ،
وَكَمَا يَسكُنُ السِّرُّ فِي نَبْضِ مَنْ يَتَفَهَّمُ.
رَسَمْتُكَ عَلَى جُدرَانِ نَفْسِي،
فَانْفَتَحَ فِيكَ المَجْهُولُ وَاسْتَتَرَ العَلَمُ،
وَسَكَنْتَ فِي عُمْقِي كَأَنَّكَ وَعْيُ الزَّمَنِ،
تُؤَسِّسُ نَفْسَكَ وَفِي الصَّمْتِ تُلْهِمُ.
أَنْتَ الخُلُودُ، وَكُلُّ مَا فِيكَ يَفْنَى
إِلَّا وَجْهُكَ القَائِمُ،
أَنْتَ الحَقِيقَةُ تَتَجَلَّى وَتَغْتَمُّ،
تَعبُرُ مِنْ شَكٍّ إِلَى نُورٍ،
وَمِنْ نُورٍ إِلَى غَيمٍ يَتَقَدَّمُ.
فَاسكُنْ فِيَّ،
كَمَا يَسكُنُ اللَّهبُ فِي الحُلُمِ،
كُنْ كِتَابَ الخَلْقِ فِي تَجَلِّيهِ،
وَكُنْ صَوتَ مَا لا يُقَالُ،
وَكُنْ الحُبَّ الأَكبَرَ الَّذي لا يُتَمَّمُ.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية