أيُّهَا النَّائِمُ فِي ظِلِّ الخِيَانَةِ، هَلْ تَرَى؟
أَمْ تُغَطِّيكَ العَنَاوِينُ العَرِيضَةُ كَالْبَلَا؟
هَلْ تُصَفِّقُ لِلْغُزَاةِ، وَتَغْفِرُ الحَرْبَ الطَرِيَّةَ؟
أَمْ تُخَبِّئُ خَيْبَتَكَ تَحْتَ وِسَادَةٍ حَنُونَةٍ… لَا تَسْأَلُ: لِمَ لَا؟
**
يَا ابْنَ هَذَا الرَّمْلِ،
مَنْ جَفَّفَ النَّهْرَ؟
مَنْ حَوَّلَ الأَخْضَرَ إِلَى يَابِسٍ؟
وَالْفَرَحَ إِلَى حُزْنٍ؟
وَالنَّشِيدَ إِلَى دُعَاءٍ؟
مَنْ عَلَّقَ الْوَطَنَ عَلَى حَبْلِ الْمَجَازِ؟
وَأَقْنَعَنَا أَنَّ الصَّمْتَ حِكْمَةٌ،
وَأَنَّ الانْكِسَارَ مَرْجِلَةٌ لَا تُدَانْ؟
**
نِصْفُنَا… بَاعَ كُلَّ شَيْءٍ،
بَاعَ حَتَّى بَابَ الْبَيْتِ، وَالذَّاكِرَةَ،
وَالنِّصْفُ الآخَرُ نَامَ…
فَوْقَ سُرُرِ النَّدَامَةِ، فِي سَلَامِ الْمَقْبَرَةِ.
نَامَ كَيْ لَا يَسْمَعَ الْجُرْحَ،
وَلَا وَجْهَ الأَسِيرِ إِذَا تَنَفَّسَ
تَحْتَ وَرْدِ المِيكْرُوفُونِ…
**
نَحْنُ بَيْنَ خَائِنٍ… يَلْبَسُ الْوَطَنَ كِبْرًا،
وَنَائِمٍ… يَحْلُمُ أَنْ يَقُومَ اللَّيْلُ عَنْهُ.
فَأَيُّ فَجْرٍ هَذَا؟
وَأَيُّ قَصِيدَةٍ تُكْتَبُ فِي وَطَنٍ…
إِذَا قَامَتْ… تُصَادَرْ؟
**
يَا صَدِيقِي،
لَيْسَ فِي النَّوْمِ خَلَاصٌ،
وَلَا فِي الخِيَانَةِ بَيْتٌ نَسْكُنُهُ،
وَلَا فِي الْحِيَادِ مُتَّسَعٌ لِذِكْرَى
أُمٍّ تَبْكِي عَلَى صُورَةِ ابْنِهَا،
ثُمَّ تَمْسَحُ الْغُبَارَ عَنِ الْخَرِيطَةِ،
وَتَقُولُ: “كَأَنَّهَا كَانَتْ لَنَا…”
**
أَيُّهَا الْقَائِلُ: “أَنَا بِخَيْرٍ”… كَذَبْتَ،
فَالْوَطَنُ الَّذِي فِي دَاخِلِكَ يَئِنُّ،
وَالْقَصِيدَةُ الَّتِي سَكَنْتَهَا هَجَرَتْكَ،
وَنَامَتْ عِنْدَ شَاعِرٍ يُجِيدُ الرَّفْضَ.
***
لَكِنْ…
مِنْ رَمَادِ التَّرَدُّدِ تَنْهَضُ الشُّهُبُ،
وَمِنْ ضِلَعِ السُّكُوتِ يَخْرُجُ صَوْتٌ يَقُولُ:
“آنَ أَنْ نَفِيقَ!”
آنَ أَنْ نَكْسِرَ الْمِرْآةَ…
وَنُعِيدَ رَسْمَ الْوَطَنِ فِي عُيُونِنَا،
كَمَا يَلِيقُ… بِحُلْمٍ لَا يَنَامْ…
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية