شموع لا تتضاءل في أحضان اللونِ / بقلم : اسراء احمد

تأليه الحزن في آخر شق من نهود الظلام
حتى يتسنى ليّ أن أعرفه
كان عليّ أن أغمره تحت لهب شمعةٍ
وضوءٍ أبيض
أن أدخل في أغوار الدم
بعد صرخةٍ ترشق في وجوههم
حتي يتسنى للفتيلة أن تشتعل
في طرف أباچورة حمراء
في غرفة أصبحت الآن فارغة
كان عليها أن تتألّه
تركني أنام على هامش الحياة
تحت أعواد السجائر
وظلمني حين قال لي:
جميلة.

*
ألوهية الوجع انتشرت عبر الخلايا
وتفتت الذي كان بيننا
فخُفت كأنها المرّة الأولى
التي أسير فيها عبر الصدى
والمدارات المُحمَّلة بالدم
تتضاءل
حتى لمّا ابتلعت التراب صار جنينًا
الآن عرفت المصير
الوحدة للآلهة التي تعتني بالدموع
تُجمِعها من صنابير الجسد
حتى تفهمّ كيف تصمُت امرأة
مثل وادٍ من الحطب
عندما يُحدِثها الألم أن تستجيب
لكنها لا ترّد.

**
تألّيه الحزن بين فكي امرأة
تخاف أن تنظر الى السماء
تنقسم الى شقين
وتتجمد مثل قرية مهجورة
تتفتت ببطء
حتى يحمِل صيادٌ
شجرةً فوق عنقه
ليصنع منها سفينة
لا تعود بالموتى الى ديارِهم
يتهدج الظل فوق غفوة
بعيدًا عن صاحبه
ويتمنى لو ضمّ حلم امرأة
تستكين للحزن
لا ينام العطش ولا الخوف
لأن كلّ منهما يحتاج الى الدماء
حتى صوت النعال
وهذيان الكؤوس لا يخبئون الجرح
ألم يكنْ لنا أنشودة
تسقط من حلم الله بالعدل
نحمِلها فوق ظلامنا
وننتشي فرحًا بالحزنِ والخرابِ.

**
هذة البحّة الحمراء مازالت تؤلمني
والشموع لا تتضاءل في أحضان اللونِ
كلّ منِّا كان سائبًا و مشغوفًا بالوجع
لكنّه لم يَذُق هجير المرأة التي غابت عن الكون
حتى لا تستطيع أن تشدّ وجهها من المرايا
وهو ينام فاردًا جسده على الخشب
فيتحوّل الصوت الى تعنيّة
أهجرك لتحِسّ بالحرمان من الألم
لتنسى كل ما حدث وما كان سيحدث
لولا الوعد بالموت
أهجرك حتى تتنافر عند المصب
بلا نيل ولا فرات
ولتتعلّم أن المرأة القاسية
لا تغفر خطأ الحياة.
**

ألوهية الضمور تهزّ الرعشة
لا تَسقُط الرمال على عيني
فأتألم ..
ولا على قلبي
ولا على ظمأي الى الحديث
كأن الإله غاضبٌ و وحيدٌ
تتصدع الأحلام وتنكمش
فأسقط فجأة من الموت وافتح عيني
فلا أرى شيئًا
لا أرى أي شيء
لا أعلم لماذا يملأ الخوف
كلّ هذة الشقوق
والالتئام لا يريد أن يحدث
إننّي مصابة بحمى الخوف
درجة حرارة الغرفة ترتفع تدريجيًا
كلما لمست الأرض بيدي
يسير الحزن في ممرات قاحلة
يحوِّل الطين الى حشائش سوداء
يتأله الخوف والحزن والظلام
كتلةٌ صماءٌ واحدةٌ
لا تغدو وردًا ولا خرابًا.

***
أنظُر الى السماء وأرفع قدمي
يسقط الحي في الميت
ويشدّ كلّ من له وجع الآخر
كفٌ فوق كف
ودمعٌ فوق دمع
يخرج كل من ماتوا حاملين
ظلمتهم في أحاجي قديمة
تألّه القبح الذي ينهش في جسدي
حتى غطّ اللحم في الدم
وكنت لا أطيق أن أسير وحيدة
في الأرض بين الموتى
لكن التألّه حدث فجأة
بعدما أكلتني عصفورة
وتحوّلت الى غُصنٍ أبيضٍ
وقع في بحيرة خالية من الأسماك
فلم ينمو ولم يجتث من أحلام الأرض
ظل هكذا واقفًا الى الأبد
حتى تشنج وتألّه بقسوة شديدة
فخفت..
كأنها المرة الأولى
التي أرى فيها موتى
يعبرون الظلام.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!