كيف أصبحتُ هكذا؟
أعني، ما أنا عليه الآن.
كم من الخيبات المعلَّبة استهلكتُ
حتى تحنَّط الجزءُ الأهمُّ فيَّ؟
كم من الوعود منتهية الصلاحية تناولتُ
حتى تسمم الطفل الشقيُّ في داخلي؟
من الذي قد بثَّ ذبذبات القلق في مساحات روحي
حتى تعطَّلَتْ مراكزُ الإحساس فيها؟
من دسَّ ال ((دورميكم)) في وجبات دهشتي
حتى نامت كلَّ هذه السنين؟
إفهموني أرجوكم
أنا لا أبحثُ عن أجوبةٍ لأسئلتي الغبيةِ هذه
كل ما أودُّ قولهُ
أنني لستُ ما أنا عليه الآن
أحدهم أرادني هكذا
شيئٌ أجهلهُ..دفعني من قمة ما كُنتُهُ
لأسقط في قعر ما أنا فيه الآن
المؤلمُ حقاً
أن الجميع
الجميع دون استثناء
كانوا يتفرَّجون
دون أي تعاطفٍ
أو شعورٍ بالذنب
وحتى دون أن يهتزَّ فيهم
ما يُسمّى ضمير
ما أودُّ معرفتهُ حقاً
كيف كانت ملامحُ ظلّي قبل تسعةِ أعوام؟؟
ظلّي الذي علِقَ بأسوار دمشق
وأنا أتسلل منها على غفلةٍ من ياسمينها
وكيف يحدثُ أن أشعرَ بالأيدي الدافئة
تربِّتُ عليه وتهمس له:
لا تقلق..سيكون كل شيئ على خير ما يُرام
استغرق الأمر مني تسعةُ أعوام غربة
لأفهم كيف تطحنُ رحى الحزن
أيام شبابي
وأحلامي الكبيرة
وبعضُ معتقداتي
استغرق الأمر تسعةُ أعوام غربة
كي أفصل الجثث داخلي بعضُها عن بعض
وأضع كل منها على حدى في صناديق سوداء
حتى إذا في يومٍ تحطمت طائرةُ سنيني
وأخذ الله روحي المستعملة
وانتشل عمال الإنقاذ
بعض القصائد الرديئة من جيوب عمري
سيكون من السهل عليهم تحديد سبب التحطُّم
وسيكون سهلاً دفن جٌثثي الكثيرة
كلٌ منها على حدى.