إنه اكتناز مذهل على مستوى التشكيل اللغوي الذي يعطي للقصيدة و جها كئيبا و معذبا . لينتقل الشاعر إلى مستوى أعلى في التصوير حين يجعل من القلوب جراحا شاهقات فتتوالى القصيدة في بناء تصاعدي على مستوى المتخل . هو مسرح القصيدة تثار داخله آلام دامية الجراح .. يحاول الشاعر خطها بكلمات تخفي وراءها طاقات صاحبها في الاشتغال على الخيال و التصوير معتمدا على اللغة … كانت خطوة الشاعر على وجه القصيدة كأنها كئابة و عذاب ، ليتبعها مفردات تتلون و أحاسيس الشاعر المليئة بالضياع و التشتت و الجراح فلا الماء يجمد و لا الثلج يذوب و لا الحروب تنتهي .. كل هذه الأشياء تظهر على صفحة الماء في وجه القصيد ضمن مشهدية اللغة عبر أفق تخيلي كبير لا يحد و لا ينتهي . قصيدة تضمن للمتلقي الوقوف على حال المواطن السوري فهو إما مقبور تحت انقاض بيته المقصوف أو غريق عندما يحاول النجاة عبر الهجرة السرية أو شهيد عندما يختار المقاومة … و شاعر يضيع وسط كل هذه الأشياء التي ترتبت بسبب واقع مر لا يستصيغه عاقل . هنا تتواثر الصور الشعرية في تركيب من المكونات عبر لغة كثيفة فالصفات التي يضفيها الشاعر على القصيدة غير عادية ، و تصويرها للأحاسيس الداخلية للذات الشاعرة يجتاز العادي ما يجعلنا نتوه بين الشاعر و القصيدة فلا ندري من منهما يتلبس الآخر هو أم القصيدة فيعبشان معا موجة عاتية من الأحاسيس تعبر عن كل الآلام و الجراح .هنا إمكانية الرمز مطلقة و غير محدودة بعيدة كل البعد عن قرب الدلالة المباشرة الضيقة . و هذا ما يميز دائما الشاعر محمد طكو هذا الشاعر الذي يطوع اللغة و يشكلها كما يريد ، فيأتي الحرف مدويا مثل رصاصة أو قنبلة ستنفجر بأي لحظة على محيا القصيدة المتأوهة و المتوجعة و الثائرة أيضا و ذات تائهة ضائعة و حالمة تبحث بين شحوب الوجوه عن حبيبة غائبة ، حبيبة تشكل الأمل و النور بغيابها يعم الظلام و تنطفىء كل الأنوار . هكذا فإن اللغة عند الشاعر هي مادته الأساسية في تشكيل لبنات القصيدة ، ما يجعل هذه الأخيرة تتميز بالقوة ، فلغتها غنية موحية جلية و واضحة لا يتعسر على المتلقي فهمها و لا استنباطها . و دائما أقولها و أعيد قولها لقد أوضح الشاعر محمد طكو بجدارة أنه قادر على تطويع اللغة بطريقة فنية مجازية تخدم الشعر و القضايا المجتمع …