إخْتَلَطَتْ مَشَاعِري بينَ الحُزنِ والسَّعادَةِ ، وَتَهالَكَتْ أرْواحِي السَّبع ، وَلَمْ تَتَبَقَ إلا رُوحٌ واحِدَهٌ مُتْعَبَةٌ ، تَلاَشَتْ بَعْضُ الأجْزَاءِ مِنْها ، وَتَبَقتْ مِنْها أشْلاءٌ قَلِيلَةٌ عَالِقَةٌ بِصَمِيمِ فُؤادَي .
إنَّنِي أُنَادِي الإِلَهُ بِكُلّ ثَانِيةٍ ، لِيُنْقِذْنِي مِنْ ذَلِكَ الغَرَقِ وَمِنْ شُعُورِي ، ذَلِكَ الشُّعُورُ الذِي سَيْطَرَ عَلَى كَيَانِي، شُعُورِي بِالسَوَادِ الذِي يَضُمُ حُزُنِي ،وَيَجْمَعُ أحْزَانٌ طَائِشَةٌ مِنَ الخَارِجِ ، وَمِنْ ثُمَ يَضَعُهَا بِقَلْبِي .
شُعُورُ صَدَاقَةِ الرُّوحِ الزَّائِدَةِ ، عَدَمِ الإيمَانِ بالصَّدَاقَةِ بالنَفْسِ وَ لاَ بِالحُبّْ ، كَانَتْ العَلاقَاتُ بالنِسْبَةِ لِي ، كالحَرْبِ سَاعَةَ السَّلامِ ، كالخَيالِ وَقْتَ الوَاقِعِ ، كالشَوْقِ وَقْتَ اللَقَاءِ .
خُطُوَاتِي تَبْعَثُ السَّلامِ لِلجَمِيعِِ ، وَلَكِنهُم لا يُبَادِلونَنِي إلا الحُزْنِ والإِنْكِسَارِ والحَنِينِ ، كَانَ حُزْنِي دَائِماً يُعَاتِبُ الجَمِيعِ ، أهَكَذا بَعْدَ تَعَلُّقِي بِكُمْ تُفَارِقُونَنِي ؟
أبَعْدُ كُلِّ هَذا الحُبِّ سَنَفْتَرِقُ سِنينَاً ؟ أتَظُنُونَ أنَ قَلْبِي المُلَثَمِ بِنَارِ الحُبِّ سَيَنْسَاكُمْ ؟ أهَذِهِ العُيونِ الحَزِينَةِ التِي تُرَاقِبُكُمْ الآن وَتَبْكِي عَلى نَفْسِهَا مَنْ خَذَلانِ قَلْبِهَا سَتَنْسَاكُمْ ؟فَارَقْتْ الجَمِيعَ وَأَصْبَحْتْ وُحِيدَةً ، تِلْكَ الفَتَاةُ غَرِيبَةِ الأطْوارِ ، جَمِيلَةُ العَينَانِ ، ذَاتِ القَلْبِ المُرْهَقِ ، تِلْكَ الفَتَاةُ التِي قُتِلَتْ بِسَبَبِ أَشْوَاقِهَا ، بِسَبَبِ إِنْتِظَارِهَا الكَاذِبِ.
هِيَ تَعْلَمُ بِأنَها لَنْ تُجْمَعْ مَعْ أُولَئِكَ قُسَاةِ القُلُوبِ مَرَةً أُخْرَى ، وَلَكِنْهَا بَقِيَتْ عَلَى عَهْدِهَا بِعَدَمِ الإِيمَانِ بِالعَلاقَاتِ العَامَةِ مَعَ الجَمِيعِ ، عَلاقَاتِ الحُبِّ والصَّداقَةِ ، كُلِ هَذَا مِنَ الحُبِّ الحَقِيقِي الذِي كَانَ قَدْ يُمِيتُهَا ،
رَمَتْ بِنَفْسِهَا بِالنَارِ كَالبَلهَاءِ الوَاثِقَةِ بِالحُبِّ ، وَخَرَجَتْ ُمُشَوَهَةِ الجَسَدِ وَالرُوحِ ، تَبْتَعِدْ عَنْ الجَمِيعِ إلى عَالَمِها الخَاصِ المُكَوَّنِ مِنْ أوْرَاقٍ كَثِيرِةٍ ، وَأَقْلامٍ مُتَعَدِدَةٍ ، وَبَعْضٍ مِنَ الرِوَايَاتِ التِي كَتَبَتْهَا ، وَكُوبُ القَهْوَةِ المُعْتَادَةِ شُرْبُهَا بَارِدَةً بِسَبَبِ شُرُودِهَا. تِلْكَ الفَتَاةُ تَحْتَاجُ الأَمَانَ بَعِيداً عَنْ نَفْسِهَا.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية