هرولتُ.. وهرولتُ، وما زلتُ مُثابرًا، أذكرُ أنّني تعلّمتُ الهرولة مع بداية خدمتي الإلزاميّة آخر عام ١٩٨٣في دورة الأغرار على مدار ٤٥ يومًا، كانت مليئة بلذّة الصّحو السادسة صباحًا على وقع صافرة الاجتماع الصباحيّ من كلّ يوم، الذي يُفتتح بدرس الرّياضة عاري الصّدر.
وهرولتُ بأشواقي اندفاعًا للقاء وجه ربّي في بيته الحرام، عند تأديتي لفريضة القادر الحجّ، وما زال حادي الشّوق يُحرّقُ دواخلي مُتمنيًّا العودة إلى رحاب مكّة ثانية.
الهرولة غُرست في دواخلي نحو الكُتب والمطالعة الدّائمة صارت ضرورة رئيسة من أساسيّات حياتي، كالغذاء والشراب والحاجات الخاصّة، مكان عملي في صالون الحلاقة نصف مكتبة، رفوفه وزواياه ممتلئة بالكتب، استغراب مُتكرّر من الزبائن، ما الحاجة لكلّ هذه الكتب؟.. أهي بغرض البيع والتجارة؟. تكتسي وجوههم دهشة حينما أجيب: هي للقراءة والمطالعة. يثور سؤال سمعته من كثرين: وهل قرأتها جميعًا. نعم قرأتُ مُعظمها، ومنها ما زال بانتظار مجيء دوره.
هرولتي معاكسة تمامًا لهرولة المُستعجلين لتقبيل النجمة الزرقاء، والتبرّك بها تقرّبًا وتمسّحًا لنيل بركاتها في الدنيا، وشطب ثوابتهم العربيّة من قاموسهم، طوفان هرولتهم الهادر؛ سأقاومه مع هم أمثالي من أحبابي وأصدقائي.