نظرت في فحم عينيها المحاطتين في بُنيّ القهوة، وعادت إلى غرفتها، أغلقت الباب وفتحت تلك النوافذ ليتسلّل منها ذاك النور الساطع على مكتبها.
جلست على كرسيها الملوّن بألوانٍ عدّة، وبدأت تنظر إلى المرآة، وتتمعن في الجهة المقابلة للمرآة، حيث جعلت من جدران غرفتها لوحاتٍ فنية أبدعتها بأناملها النّاعمتين، ففي كلّ لوحة تفنن بتلك الألوان التي كان فيها التناقض أجمل معانيها، تارة ألوان دافئة و أخرى باردة، هذه الألوان تطبع في نفسها قصة فرديّة.
وأمّا عن مقعدها فزخرفته بأجمل الرسومات لفلونا، تلك الفتاة اللطيفة فتفوح منه رائحة الطفولة.
سحبت مقبض درجها، وأخرجت علبة الألوان وبكل هدوء نادت ريشتها و أرقصتها بين أناملها.
تمعنت قليلاً وبدأت تبدع تلك النغمات.
في ذلك الوقت وهي في إنشائها، كانت عيناها تقدح ألواناً، فقد أبدعت برسم ملامح طفلة بريئة، كادت تلك الطفلة أن تنطق.
بصوتٍ هادئ نادتها أمها، لكنّها لم تنتبه فهي في خيالها.
بخطواتٍ ناعمت وقفت إلى جانبها، وأمسكت بيدها على كتفها معتصرةً ذلك الحنان.
وقالت لها بهمسٍ: أبدعت ياطفلتي.
_حقاً يا أمي ، ردت عليها دون أن تلتفت.
ما أروعك يا غاليتي، فيداك نسجت خيوطاً من حرير، أرجو لك التوفيق.