لصحيفة آفاق حرة
_______________
بذرة العنف (خاطرة)
بقلم الروائي – محمد فتحي المقداد
عندما نوى العودة إلى أرض الوطن، بعد انتهاء دراسته العليا في ألمانيا، أخبرني: بحثتُ طويلًا عن لعبة مُسدّس لابني، بالكاد وجدتُ، وبعدما أتعبني التجوال بين المحالّ التجاريّة.
ذات لقاء عابر أعربَ لي عن ندمه على ذلك، عندما كنّا نتحدّث عن العنف المجتمعيّ كظاهرة عامّة في المجتمعات الإنسانيّة بنسبٍ متفاوتة. يبدو أنّ في داخل كلٍّ منّا بدوي متأهّب لتنفيس غضبه، إذا استُغضِب.
في صغري لم يرُق لي إلّا شراء المُسدّسات والمفرقعات لها؛ فالطفولة مرآة عاكسة لقيم وعادات مجتمعاتها، وبداية حياتي راقتني البدلة الكوريّة الخضراء، وأسعى لاقتناء المعطف العسكريّ (الفيلد)، وفي السابع دروس مادة التربية العسكريّة (الفُتوّة)، واللباس المُوحّد في المدارس، والأخضر والخاكي هما سيّدا الألوان في حياتي.
العسكرة في المظهر المُوحّد في المدارس، ومعسكرات الفُتُوّة، ومعسكرات التدريب الجامعيّ؛ عسكرت نفوس ومشاعر السّوريين عُمومًا، ودرّبت الجميع على استخدام السّلاح في مرحلة زمنية مُبكّرة، بدل الانصراف إلى التحصيل العلميّ، وتنمية الهوايات، ومهارات الشّباب في التبارز في دروب العلم والارتقاء، وحقول الابتكار، وهو ما ظهر من الطلّاب السّوريين في بلاد الاغتراب.
من كتابي (كيف.. وكاف.. ياء.. فاء)
….
الأردنّ