رحيلُك يشبِهُ وجَه العذاب
وحُزنَ الغروبِ وبردَ الغياب
ودنيايَ مِن غيرِ دنياك منفى
ودربٌ طويلٌ مِن الاغتراب
أسافرُ عنك لأرضِ التناسي
فأزدادُ في البعد منك اقتراب
وأنطق اسمك سهواً فيُحكى
بأني شريدٌ فقدتُ الصواب
إذا ما الجوى شجَّ منّي فؤاداً
وعاجلني الشيبُ عند الشباب
وأصبحتُ بين الأنامِ حديثًا
وثرثرني الحزنُ والانتحاب
فلا تنسى أني اصطفيتك حُباً
ومِن غَيرِ ذنبٍ رضِيتُ العقاب
وخاصمتُ فيك الحياة وفاءاً
وما كان لي فيك حق الثواب
وكم جادلوني لأنساك لكن
أَبَيّتُ، ومانعتُ فيك المتاب
أنا هاهُنا في الفلاةِ وحيدٌ
تركتُ الصبا والأماني العِذاب
لئن جئتني زائراً ذات يومٍ
ودلَّك لي في النهاياتِ باب
فلا توقظِ الشوق في أرضِ حزني
فأني خرابٌ وأرضي يباب
قضى الله فينا الفراق فدعنا
نُماري الرِضا والقلوبُ غِضَاب
فهل يسعفُ الحالمينَ وصالٌ
وقد خُطَّ حِرمانهم في الكتاب
فخيرٌ لنا أن نعيش حُطاماً
على أن يُعشِّش فينا السراب