يوميات مواطن أليف.. يحاول الهرب/بقلم:محمد حبشي( مصر)

ك “بحارٍ متقاعد”..
يوقظه هدير البحر وصفير الحيتان..
أقف كل صباح..
وحيداً فوق هضبة الفراغ..
أنتظر سفنٌ ضالة
قد يأست من معانقة الشط..
وأحلامٌ لا تعرف شيئاً عن قانون الطفو..

تخبرني النوارس..
أن السفن التي تجاوزت مرحلة الطفولة..
لا تستطيع ترويض الريح..
ومصارعة الموج..
فكيف لمركبٌ يحملُ خيبات البشر..
أن ينجوَ بمفرده من الموت..
ولشراعٌ لم يبلغ الحُلم بعد..
عبور المستحيل..

أتمدد على مقعدٍ رملي..
كسيخٍ حديدي أنهكَهُ الصدأ..
تجتاحني طيور الأرق..
تحتل ساعات اليقظة وساحات النوم..
فيزعجني سعال القمر..
وثرثرة النجوم..
ونحيب الملائكة التي تهبط كل مساء..
كي تجمع أشلاء الغرقى..
وتلملم فتات الأحلام النافقة..

عندما يفردُ الليل
أجنحةَ الظلامِ فوقَ دروبِ المدينة..
أتوكأُ على ضعفي..
وأقتفي أثرَ خُطواتي الكفيفة إلى البيت..
ثم تبدأ طقوسُ المساءِ والسهرة..
بتناول وجبة خفيفة من الملل..
مع بعض الذكريات الطازجة..
أحتسي بعدها كأساً من الصمت..
ثم أستلقي في زنزانتي..
بجوار جثة الوطن..
وأفكر – كقطٍ أليف – في طريقة جديدة للهرب..

———————————————————————————
“البحار المتقاعد”..
عنوان قصة قصيرة للأديب المغربي محمد إبراهيم بوعلو..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!