تريثي قليلا أيتها الأبنوسية
لا اريدكِ ان تموتي الآن
أجلي الموت قليلا،
ريثما أعيد ترتيب الآلهة السمراء، التي تنمو ببطء في غابات الصنوبر
تلك الآلهة التي تتخذ من الـ”هجليج” والـ”كارنو” واشجار “الهشاب”
معابد لها ومزارات…
الكاكاو، والمشمش، واشجار السدر
الألهة الخضراء ….
وكي أقبلكِ القُبلة الآخيرة وأول قُبل اللقاء
لم افعلها بعد (أقولها بين نفسي، وأنا أتسكع في متاهات الأماني التي تحتضر)
هائم هناك في أودية روحي أبحثني
وأبحث الأبنوسي مني
جالس في صحاريَّ القاحلة أفتش عن أصل السمرة التي فيّ
عن أجدادي القدامى، عن دياناتهم الإحيائية
عن الانسلاخ الذي حدث.
والاستعمار المرقع بالدين، الملفوف بالله
والجنة والنار..
أبحثني في الهوية والضوضاء
أبحث عن أسئلة للإجابة المهرطَقة، للإجابات المعدة سلفاً
إجابات غبية تقدمها، بائعو الإنسانية، المستعمرين لهذه الأرض!
تريثي قليلا أيتها السمراء الآتية من رحم الأدغال
الجنوبية الأبنوسية، يا مَن تشبهين الصنوبر والكاكاو
كي نحتضن طفلينا،
لم نفتتح المسجد الجديد بعد
ولم نصلِ في القدس معا
لا تتعجلي يا سيدتي وانتظري عودتي
وسنحج في “مرسال” ونطوف بالبار العتيق
أنا الآن في التيه الآخير
اغازل الليل والفلسفة القديمة، والأشعار
أعمل قوادا للقلم والقصائد…
كي أجني بعض الوريقات الصفراء فيه أخلد ذكراكِ
سأعود كي اودع الرفاق وأول هؤلاء الرفاق أنتِ
تريثي قليلاً يا “نادية” الأخرى
تريثي عن الموت قليلا
ريثما أقنع الألهة الصغيرة السمراء
بألا تكبر
بأن تظل صغيرة
ريثما أقنع الأنصاري أن ليس كل مرة شيخه على حق
من يمارس الضلال إذن؛
من يخطئ إذن؟
بمن تفوز النار في آخر المطاف بعد الإستيقاظ من الرقدة الأبدية،
ريثما أفوض القواد المناوب في البار بأن يؤم الناس لصلاة الجمعة
كي يعود الي الله …
ربما بعودته ينّفِض الله الغبار العالق فوق ملفاتنا المتكومة
في مكتبه العريض
و-ربما- يعيد الله ترتيب أولويتاته
ويمنح الصغار متسعا من الحلم والموت
ربما يلغي فكرة الانجاب وألا يعود يشرف عليها ذلك المَلك المكلف
ليجرب طعم العطالة مرة
تريثي عن الموت قليلا
كي أعاود ترتيب حكايات جَدنا الصنوبري
الحكايات الآتية من الأدغال والصحراء
تلك التي جاءتتا متعبة وكأنها آتية سيراً حافية القدمين تشق وعورة التواريخ … والسِيّر
أعيد ترتيبها في رواية أو ألهم راو قدير
تريثي
حتى ابلغ الأربعين كي أعلن نبوءتي
وكي تكوني أول شاهد عليها فالآن أنت خديجتي
وقد تجاوزت العشرين ولم أتخط الثلاثين بعد
مشاوير الثلاثين عاصية ومستعصية …
تمهلي الموت
فإني بالكؤوس والبيرة المعتقة قادم
وبالقبلات الحارقات
والدين الجديد …
أجرجر خيبات الكأس الأول … من كل الأشياء
حين لا يصادف تلك الشفاه التي تخيلها
للكؤوس ذاكرة يا “نادية” والحكايات
بنبوءتي المحتملة جداً
وأغنيات الناجين من الحياة
قادم من بعيد لأوحد أنبياء الهامش
تريثي عن الموت أيتها الأبنوسية القادمة من الأدغال المنجبة للشاعرين.
والاسطورتين
أنا آت