رواق قصيدة النثر

قالت : دعني ارتمي على صدرك فالقلب مُشتاق قلت : ستجدين بداخلي كوكبا رقيق الحسّ خفّاق قالت : أنت الحبيب إليه الروح تشتاق فاترك نجوم اللّيل ترمقنا فإنّ للقمر أحداق .. قلت : إنّ عيون الحبّ ساهرة و نحن تحت ضيائه عشاق أليس للحبّ أسرار و أعماق ؟ …  

سأحملني في المساء إلى ضفة النهر أرمي بهذا الكيان العتيق.. فهذي التماسيح تعرف كيف يكون الختام الأهمْ.. وأنظرُ كيف تمزقني فأنا أستلذ الألمْ.. وهذا الكيان انهدمْ.. ولم يبقَ فيه سوى جعجعات الرحى وهذا السأمْ.. أنا ليس لي غير خط الهروب إلى ضفة النهر فالنهر سكينُ جرحٍ يسير على ألم الأرض لكنه حين يشرخ وجه الحقول بعنف الطغاة.. يمد الحقول بوهج …

أكرمي مثوى الغلام قال العزيز لامرأة القصر ولم يلتفت للوراء وصار الغلام يترعرع بين احداقها دفئا من إغماضة مشتهاة ورودا من الهمس واللمسات الندية بين أحضانها صار نعم فتى تشتد في عوده طيبات الغصون ظلالا من الود والكلمات التي قلما كان يمرح بين المروج بها ويسرح في نأيها كأجمل مما يكون الجمال تنامى الفتى فتى من أحسن القول شموعا من النور …

(1) أنا سأكون المنذور على تضاريسكِ وبعدئذٍ سأكون بين قاب قوسين ” مزاراً ” كلما أردتِ عمراً يغمرهُ ربيع الحياة ليس مرة بل مدراراً ثمئذٍ أرميني وروداً على أطراف الطرقات المؤدية كي من يزورنكِ وهم على عجالتهم يحملونني إليكِ باقاتٍ عابقةٍ بالاشتياق (2) أمطاركِ التي تبتلعها البحار هي ذاتها التي تصلي من أجلها الورود وأنذا كأرض عطشى أنتظر بفارغ الظمأ …

مستترا بالشعر أحاول هدم ما لا يسكن: كفى ما صلى القديس للصّليب وما دقّت في الأرجاء نواقيس. كفى ما ركع الهندي للكوبرى وما سجد إفريقي للشجر، وكفى ما نحتنا من تماثيل لنعبدها… ونأكلها إذا جعنا. واقفاً، أستأتي الأجنّة والبراعم والخلايا لو كان لي نزرع الأكفان أرحاماً وإن رحلنا ولم نعد، سيعود الربيع وأبناؤنا والبذور يسيّجون حدود الكون باللغة وبالياسمين يصنعون …

يقول الفتى العاشق للنهر أنا كُنْتُكَ قبل أن تصير حبيبتي أسطورة خلعت البلل و صرتُ درويشا يجوب الكلمات زادت علاقتي بالفينيق و العنقاء و سواحل الحليب بالتلال الطرية الطروب يغريني انتحاب اللهيب في الخمر و الدالية و المسير على الشفاه في حقول القمح و الحدائق المعلقة تطوّرت فراستي في قراءة الفنجان و العيون الغجرية و المشي على حبل الحرير دون …

تائهة على أعتاب الحقيقة أجثو وكلُّ ما حولي سراب نبض قلبي ينادي ولكن هيهات حين تُغلَقُ الأبواب وحيدةٌ أنا هنا تكبر أشجار الحزن في قلبي والغائبون يَنزوونَ في الظلامِ والنهرُ يجري على ضفة الجرح وأنا كظلِّ الماءِ أمضي أناجي موجَ بحري وأطوي الليل المثقلَ برياح الوجع بنواح الثكالى وانتحاب الأمنيات كلُّ ما فيَّ ساكنٌ إلا موجةُ قلق تزدادُ في الروحِ …

إنَّ قلبي سريعُ التَّبَخُّرِ ليس لأني خسرتُ وليس لأني تعَمَّدتُ كسرَ الزجاجةِ لكن لأنَّ الفراقَ خطيرٌ وإنْ بَسَّطُوا ليَ معناهُ يبقى كهاويةٍ في الجحيمِ.. فماذا أُحَدِّثُكُم عن خريفٍ أتى أو سيأتي بموعدهِ وبفنِّ التغلغلِ فيَّ يُشارِكُني رغبةً في البقاءِ ويشرحُ لي قُدرَتي في إعادةِ نفخِ الفُقاعةِ يُخبرُني أن لا شيءَ يصعدُ إلا لِيَسقُطَ/ لا شيءَ يسقطُ إلا ليحضِنَ طينَ الوَطَن. …

سوف اصبح قديمة.. ليس في حسابي سوى ذلك المشعُ وهو يطالبني بكرسي يستريح عليه.. في الغدِ لم أعد عاكفة بثوب احمر على جهاز قياس الوزن مثل قابلة لا تزال عذراء ترتِّبُ هشاشة اللحوم بخيالات نساء متمتعات تسحبني مراتٍ من دمِ القتلى من وكالات الانباء لأعلان الليل حالة تتوقف عندها خدمة القمرَ!

ارحل خذ كل الحنين لن تجدني و لو بعد حين حطِّم الصمت فجِّر الأصفاد بعثر زُرقة السماء و تقنّع بنجوم الفجر الغرّاء خُن ما تبقى من العهد و الضياء و ارحل … لا تلتفت وراءك تلك النجمة المنفلتة من ثوب السماء لم تتهاو عبثاً فقد ملّت الأعاصير الهوجاء و ضجرت من أحاجي جوفاء … لا تلوث نورك من أجلي أنا …

معظم قصائدي باتت أطباقا فائقة العيوب فتم رميها خارج مطابخ الشعر . . معظم الشعراء ، باتوا يقضون ليلتهم فزعين من صراخ الحروف التي تعتقلها القصائد . . معظم أصابعي باتت أشبار لقياس أفخاذ القصيدة الملوثة بدهان الكلمات اللزجة . . معظم ألعابي باتت دمى تلتزم الصمت ، لحين مغادرة الثعالب الملطخة بعار القناني . . معظم الحقائب تزدحم بنسخ …

في الصباح، لا أريج زهور في الفراغ، كف الريح لا تحمل إلا غبار أواخر الخريف، لا قصاصات أوراق في الشارع معنية بغزل مدْرسي بين طُلاب وطالبات المدارس، بل خناجر من حواجز ومتاريس حرب مغروسة في راحة الشارع، لا ابتسامات في دوائر الأيام، لا أربِعَة في جُعبة الفصول مجرد خريف مستمر ومستبد، في المساء بنادق مُنفلِّتة تهش سُخام الرعب في الأمكنة، …