نعم… مغرورة أنا
و حقَّ لي أن أغر
لأني أنا ..الوحيدة من بين آلاف النساء
تسللت منك و فيك دون عناء
و دون عناء…علّمتك معنى البكاء
و دون عناء قلبت فيك كل الأشياء..
و سميتُ الأسماء بغير الأسماء
و دون عناء..جعلتك بيدي كصفحة بيضاء
أخط فيها..و أعبث باللون كما أشاء
حين أشاء…و دون عناء
أجعلك جداول..و روضة غنّاء
فيها النرجس و الفل..
فيها الزهر.. و الورود الحمراء
يفوح مسكها..يتناثر عطرها
فيها..فيها العنبر و الحنّاء
حقولها..مروجها خضراء..خضراء
فيها أنت كالطفل تلعب..فتكثر الغوغاء
تمسك سنبلة…
تقطف وردة…
و تلاحق الاطيار في السماء ..تلك السماء الزرقاء
و تركض.. و تركض خلف الفراش..
و بين الأحراش
و حين تبتعد و ينالك الإعياء
يشتد بك فجأة البكاء
فتحن إلى صدري..و تركض ..تركض نحوي
أشدك..أضمك..و أقبّل أيديك السمراء
و أحكي لك حكاية الشطار مع الأمراء
و في نقاء تنام..و تنام ..كأحلام الهناء
و حين أشاء..و دون عناء
أمسح كل هذه الأشياء
فأجعلك صحراءا قاحلة..جرداء
لا قمح فيها..لا نخل..
لا غيمة فيها..لا مطر و لا ماء
لا بحر..لا نهر..لا جبل..عراء عراء
فيها ..فيها فقط عاصفة هوجاء
برد..رعد…ريح عتماء
لا نجم…لا قمر..سماؤك سوداء
وحدك..وحدك..في ليلة شتاء
تأكل أنفاسك كما النار العمياء
و حين اشاء…و دون عناء
أمسح كل هذه الأشياء
فأجعلك شاعرا..مغرما
لكن ..بقصيدة خرساء
لا ينطق حرفها إلا بإذني
فحروفك كلها جوفاء
و ستجوب الأرض وضحا و في الخفاء.
و ستدخل حطين..و معارك غبراء
و ستعود إلي كما عروة..لكن وا أسفا لست العفراء
و دون عناء ..سأسمعك
ساسمعك حين تهمس لنفسك
ترى من اين اتت هذه الحمقاء
أتراها مجنونة…أم بلهاء
قل عني ما تشاء
نرجسية..مغرورة..فالكل عندي سواء
لأني ببساطة حين اشاء
و دون عناء
سأمسح كل هذه الأشاء
و اعيدك لأول عهدك..بقايا اشلاء
أمغرورة أنا….؟
د.نور حداد/ لبنان