بقلم : سعادة أبو عراق
كان من خطة جمال باشا الاستيلاء على قناة السويس لقطع الإمدادات عن بريطانيا وفرنسا، إلا ان الحملة فشلت وبدأ الجيش التركي بالتراجع، وهنا نرصد دخول الجيش البريطاني المدن الفلسطينية واحتلالها وتدميرها وهي كالتالي:
1 _ معركة رفح في 9 يناير 1917 كانت محصنة باستحكامات الا ان الفرقة النيوزلندية اقتحمت عصر ذاك اليوم أحد الدفاعات فانهارت باقي المواقع.
2¬- معركة بئر السبع 31/اكتوبر/ 1917 هاجمتها القوات الأسترالية من الغرب بينما احاطت بها قوات الخيالة من الجهات الأخرى ، وتم السيطرة على خط بئر السبع – غزة ، واستسلام أو أسر 12 الف جندي تركي بما يعني فتح الطريق لاحتلال غزة
3 – معركة غزة الأولى 26 مارس 1917هاجمها 16 ألفا من المشاة و6 ألاف من الخيالة إلا انهم فشلوا في اقتحامها بعد ان خسروا 467 قتيلا و 2900 جريح و500 مفقود.
4 _ معركة غزة الثانية 31/ – 6/ 11 / 1917 وكانت مسئولية الدفاع عن غزة الجيش العشرين من القوات التركية ، ولكن هذا الجيش كان يفتقد للإمدادات التموينية والسلاح والروح المعنوية.
5 –بعدها تقدموا نحو يافا مرورا بالمدن الساحلية ومنها إلى اللد فالقدس
حصار القدس وتسليمها
كانت المعارك على ابواب القدس بين الجيش البريطاني بقيادة الجنرال النبي وحامية الجيش التركي محتدمة منذ أسبوع، جعلت متصرف القدس (عزت بيك) أن لا يرى أية جدوى من استمرار المعركة، وأيقن بالهزيمة ، لذلك قام في مساء السبت 8/12/ 1917 بدعوة مفتي القدس كمال الحسيني ورئيس بلديتها حسين الحسيني ليعرب عن قراره تسليم القدس للإنكليز حفاظا على اماكنها المقدسة من التدمير بقوله ( لابد أن تسقط القدس بيد الإنجليز الذين أحاطت جنودهم بالمدينة. أنا سأترك المدينة بعد نصف ساعة وسألقي بين أيديكم هذا الحمل الأدبي العظيم أي تسليم المدينة للفاتحين) وأظن ذلك لكي لا يسجل التاريخ عليه أنه سلم المدينة للإنكليز.
وكان قد أعد وثيقة التسليم ليقدمها إلى من تنتدبه القيادة البريطانية نصها كالتالي )إلى القادة الإنجليزية: منذ يومين والقنابل تتساقط على مدينة القدس في كل لحظة، ورغبة من الحكومة العثمانية في المحافظة على المدينة وبخاصة الأماكن المقدسة ككنيسة القيامة والمسجد الأقصى. وعلى أمل أن تكون المعاملة من قبلكم على هذا الوجه)
وطلب من رئيس بلدية القدس أن يحمل هذه الرسالة.
في هذا اليوم 9/12 /1917 كانت المعارك التي جرت غربي القدس قد انتهت واعتبر الجنرال إللنبي نفسه منتصرا على القوات العثمانية ومن معهم من القوات الألمانية الداعمة في هذه المعركة الفاصلة، حيث توجه نحو المدينة المقدسة على صهوة حصانه في حركة تمثيلية وإظهار مقصود للعنجهية والصلف وما كاد يقترب من سورها حتى ترجل ودخل ماشيا احتراما لقدسية المدينة كما قال ، فوجد في استقباله عددا من أبناء المدينة الذين خرجوا مستطلعين بمعية رئيس البلدية ومفتشي الشرطة عبد القادر العلي وأحمد شريف وفريق من الشبان وهم يحملون العلم الأبيض إشارة للاستسلام. وحاول رئيس البلدية تسليم وثيقة الاستسلام له فلم يقبلها لأنها تحصيل حاصل. أما الجيش العثماني فقد تراجع عن المدينة إلى جبل الزيتون. وقد حاولوا بعد ذلك مرارا دخول القدس ولكنهم فشلوا.
اصدر الجنرال النبي البيان التالي: ( إن انهزام الأتراك أمام الجيوش التي تحت قيادتي أدى إلى احتلال مدينتكم من قبل جيوشي، وفي الوقت الذي أذيع عليكم فيه هذا النبأ أعلن الأحكام العرفية. وستبقى هذه الأحكام نافذة المفعول ما دامت ثمة مظاهر حربية. ولئلا ينالكم الجزع كما نالكم من الأتراك الذين انسحبوا، أريد أن أخبركم أنني أرغب في أن أرى كل واحد منكم قائماً بعمله وفق القانون دون أن يخشى أي تدخل من قبل أي كان، وفضلاً عن ذلك بما أن مدينتكم محترمة في نظر أتباع الديانات الثلاث الكبرى، وترابها مقدس في نظر الكثير من الحجاج العابدين من أبناء الطوائف الثلاث منذ قرون وأجيال. أود أن أحيطكم علماً بأن كل بناءٍ مقدس، أو نصب أو معبد أو مقام أو أي مكان مخصص للعبادة من أي شكل، وإلى أي طائفة من الطوائف الثلاث، سيصان ويحتفظ به عملاً بالعادة المرعية، وبالنسبة إلى تقاليد الطائفة التي تملكها)).
فكان هذا البيان بداية المؤامرة والنكبة.
وفي يوم الأربعاء الموافق 11/ 12 / 1917 اجرى إلنبي احتفالا رسميا بتسلم القدس واعلانا عن انتصاره على جيوش الدولة العثمانية دعا اليه كبار الموظفين وأعيان المدينة ووجهاء القرى ورجال الدين وممثلي الطوائف ، وقد ساد الوجوم على الوجوه، فهم لا يتوقعون خيرا، فإذا به يقول ( الآن انتهت الحروب الصليبية ) بنفس النكهة الصليبية التي قال بها الجنرال غورو في دمشق، وهو يركل قبر صلاح الدين ( لقد عدنا يا صلاح الدين )
هنا شعر الجميع بالخذلان من هذه الروح الصليبية والغطرسة التي إبتدرهم بها، فغادر رئيس البلدية حسين الحسيني وتبعه مفتي الديار المقدسية وبقية الوجهاء والمدعوون العرب دون ان يصافحوا اصحاب الاحتفال، وتعتبر هذه الحركة الاحتجاجية بذرة المقاومة التي حملها آل الحسيني خاصة والمقدسيين عامة
وفي رودس 30/ 10/ 1918 تم توقيع اتفاقية وقف اطلاق النار بين الحلفاء والدولة العثمانية انتهت بفصل بلاد الشام والعراق والتي احتلها الحلفاء عن تركيا ولقد تم فصلها رسمياً بموجب معاهدة لوزان عام 1923م التي تنازلت فيها الحكومة التركية الجديدة وريثة الدولة العثمانية، عن جميع ولاياتها العربية بشرط إعطائها الاستقلال التام وأن تحكم من قبل أبنائها.
بعد ذلك بدأ الهجوم البريطاني من القدس في اتجاه نابلس ومنها تم التوجه نحو الناصرة ، وبعد ثلاثة أيام احتلت مدينتي حيفا وعكا ، حيث أكملت سيطرتها على أرض فلسطين بعد انسحاب القوات العثمانية منها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غذا نتكلم عن بداية الحراك السياسي الفلسطيني تحت الانتدار البريطاني