حلب مدينة تعاقبت عليها ممالك عدة من الحثيين وصولا للاسكندر المكدوني فتأغرقت في العهد الروماني وطوال الوقت تميزت بانها مدينة تجارية اقتصادية من طراز رفيع بقيت مكانتها العالمية حتى هدمها الفرس على اثر حربهم مع الرومان، ثم دخلها سلما دون قتال ابو عبيدة وخالد بن الوليد لتتعاقب على حكمها ممالك اسلامية عديدة وصولا لعهد هولاكو التتري الذي دمرها عام 1260م لتعود وتخضع للعثمانين ثم الفرنسيين محتلين عام 1920م، فعرفوا قيمتها واتخذوا منها قاعدة لدولة مستقلة، وهاهي اليوم تعود لتتهدم على يد الروس والفرس ومن يدعون انهم ثوار، وبالنتيجة الموت ليس جديدا على حلب لكنها المرة الاولى التي تهدم فيها الاثار ويتم مسح التاريخ فيها .
في الفترة التي تأغرقت فيه الدنيا، اي امتزجت فيه الحضارة اليونانية مع حضارات العالم في الشرق فتحول الانجاز من الفلسفة الكلامية الى الانجاز فانتشر العمران وازدهرت الصناعات والانجازات، وفي هذه الفترة كان الانسان العربي في طور التشكل في الجزيرة العربية، حتى قدوم النبي محمد عليه السلام واظهرهم بصورة مختلفة عما عرف عنهم زمن الانباط وما تلى ذلك، ودوما حاول اليهود ان لا يغرقوا في التاريخ الاغريقي وان كانوا استفادوا منه كثيرا…!!
يكاد الزمن يتشابه وان اختلفت ادوات التاريخ ويكاد الموت يتشابه وان اختلفت ادوات القتل، لكن اكثر ما يثير الشجن ويوصله حد الحزن ان لا ذنب للاطفال والحجارة ..!!
في فن القفز على التاريخ يظهر (برجاس عويدات) الذي سجن في سوريا لمدة 12عاما بتهمة التجسس لصالح اسرائيل ليعود عبر الاردن لاسرائيل سالما غانما، ولن نسأل عن سر الافراج عنه فالامر لا يحتاج الى ذكاء..!!
على الطرف الثاني من العالم هناك فتاة سعودية اسمها هيفاء الشمراني تدرس الطب في بريطانيا، قطعت الحكومة السعودية عنها منحتها المالية لانها اتخذت موقفا معارضا ولم تتبرع لبناء مسجد، فخسرنا بناء المسجد واعلنت الحادها وارتدادها عن الاسلام لتتمكن من الحصول على لجوء سياسي في بريطانيا واخذت تطلب النجدة المالية عبر صفحتها على الفيس بوك ونجحت في ذلك .!!
لست غاضبا من اطلاق سراح الجاسوس برجاس، ولا من ارتداد هيفاء عن الاسلام ولم اتأثرمن خبر البعثة الطلابية الاردنية التي زارت اسرائيل مؤخرا حيث تجولت البعثة في عدد من المناطق وزيارتهم لمركز موشيه ديان في جامعة تل ابيب لكن ما يثير الحنق والغضب ما نشرته احدى الطالبات على صفحتها الشخصية في الفيس بوك حيث قالت (“عندما قالوا لي “إسرائيل” قبل 4 أيام لم أستطع حتى الإصغاء لهذه الكلمة ولكنني أدرك اليوم أن ما قد قيل لي عن إسرائيل حتى اليوم فلا علاقة له بالواقع، وصلت إلى إسرائيل منذ 4 أيام وشاهدت جنديا إسرائيليا واحدا فقط. كنت متأكدة بأن جميع الإسرائيليين هم جنود”) .
نعم في بلادنا العربية يقتلنا الزعماء واسرائيل، ونتجاهل الاسراء والمعراج ونطلق سراح جاسوس ويعود طلابنا مهللين مادحين باسم اسرائيل ، بنفس الوقت الذي يعلن فيه احد كبار الشخصيات ان الدولة الاردنية على وشك الافلاس المادي، الامر الذي سيصنع الف برجاس وبرجاس، وحينها لن ينفعنا قاضي الهوى وسنسخر جميعا من الاغنية التراثية (برجاس يا قاضي الهوى برجاس، حنا قلال وكايدين الناس).
بقلم/ جروان المعانــــي
كل الحب والاحترام لأفاق الحرة والقائمين عليها ..
شكرا جزيلا استاذي الفاضل جروان المعاني … واهلا بك دوما … قلما حرا في آفاق حرة