من الصعب تخيل أن حياة كل مبدع رائعة كأعماله، خصوصاً فيما يخص الفن التشكيلي تحديداً، لكن صوفي شوفو التي صدر لها أخيراً الجزء الثاني من السيرة الذاتية لبابلو بيكاسو، ترى أن عبقرية الرجل الاستثنائية لا تبرر كونه كان ساخراً جداً وقاسياً مع أقاربه وأسرته وكل من تعامل معه.
صوفي ليست الأولى التي تلعن شخصية بيكاسو، فقد سبقتها بسنوات أريانا هافينغتون التي عنونت كتابها (الخالق والمدمر)، وعنه تقول صوفي: أشعر بالسوء أمام تفاصيل حياته، لأن بيكاسو كان عبقرياً بلا شك، لكني أظنه تحول إلى مريض نفسي مشوه الوجدان كلوحته الأشهر (غرنيكا والحرب).
بالنسبة لنا غالباً ما نرسم صورة نورانية للعظماء الذين لن يجود الزمان بمثلهم، فهل الخطأ في تصوراتنا، أم أنه طبيعي أن نشعر بالصدمة، حينما يقال عن بيكاسو إنه كان يرسم بدم وأوجاع كل من اقترب منه؟
هذه التناقضات تحيلنا إلى ما نتساءل دائماً عنه: لماذا اختفى الفن العظيم من حياتنا؟ ربما لأن هذا الزمان لم يعد يتسامح، كما في الماضي، مع جنون الفنان .. مداه شططه وأخطاؤه بل وتجاوزاته أحياناً.