قديمًا
قبل ميلاد المسافات
حيث كانت الأرض صغيرة
لا تتسع للسفر
ولا تستطيع أن تحمل داخلها هذا الكم الهائل من الأعزاء
كانت نادرًا ما تلتهم عزيزًا بِفَمِ الموت الشَرِه
قديمًا
قبل انتحار الفضيلة
واحتلال الخطيئة عرش الصواب
وقبل أن تتحقق نبوءة مَن قال:
“القلم ما بزيل بلم”
كان العِلمُ عِلما
وكان الجهلُ عدم معرفة مُحترم
كانت البيوت لا تدير ظهرها لأخواتها البيوت
ولا هنالك حدود بين ساكنيها
كان الجار أخًا والمطبخ للجميع
قديمًا
قبل أن يُسخَط الشباب
كانت المروءة في عمر الزهور، جميلة فاتنة
وقتها لم تنمُ سيقان للتسعةِ، لم تكُ طويلة
كان حلم الشباب وقتها
أن يصيروا جنودًا
حينما كان الزي العسكري شرفًا ومعينا
قبل أن يقترِن اسمه بالفشل
قديمًا
كانت الأعوام متأنية
تمشي على أعمارنا هونًا
وكان الموتُ رحيمًا غير عَجول، ضيف خفيف لا يُمسخ الطَلّة
وقتها الجدات يذكرن الأحداث بالعام الذي مات فيه أحد الأشخاص في الحي أو القرية كلها
وقتها
كان الوطن يسع الجميع
والغربة كذبة لا يصدقها الجميع
قديمًا
قبل أن تُفتَتح أحاديثنا بكان وليت ولعل