في حيزٍ
أمسى يليقُ بجثتي
كنتُ انتقيتُ لموتتي قبراً
وفوق الشاهدِ الممشوقِ
قمتُ أخطُّ في نزقِ اللئامْ:
“هنا المسافرُ نحو جنتِه ينامْ”
*
من ذا يشيِّعني لمثواي الأخيرِ
ومن يهيلُ عليَّ في لحدي الترابَ!!؟؟
أرى رجالاً يغسلوني
ثم بالثوبِ الأخيرِ يكفنوني
ويُسْلموني للرجالِ الآخرينَ
ليحملوا نعشي
وبعض الآخرينَ هناك كانوا يحفرون القبرَ
حتى إن أتى الجثمانُ
– جثماني –
رموه ووسدوني
ثم عادوا كي يعيشوا في تفاصيلِ الحياةِ
يضاجعون نساءهم
ويداعبون القاتَ في وقتِ المساءِ
ويسهرون الليلَ في صمتِ الغريبِ
وينتفون الشَعرَ من نكدٍ إلى نكدٍ
وما من واحدٍ يمضي يفكرُ في كتابةِ تعزياتٍ
أو بيانِ النعي
أو يبكي رحيلي
من بني قومي وجيلي
*
هذا أنا
وكأني أولُ ميتٍ يرثي رحيلَهُ
بالحروفِ وبالنشيجِ
ويمشي خلفَ النعشِ يندبُ حتفَهُ
والنائحاتُ ينحنَ موتَهُ خلفَهُ
وهو المعزي والمعزى والعزاءُ
هو الرثاءُ
هو امتدادُ الموتِ في كلِّ الخليقةِ
وهو قبرٌ لا تجفُّ به الدموعُ
ولا تغيبُ به الشموعْ
*
وأخالُ أني قد حفرتُ عميقَ لحدي
وانتقيتُ له الجهاتِ
كما وفصَّلتُ المساحةَ في رباهُ على مقاسي
لأعيشَ فيه مدى نهاراتي
وأزمنةَ الأماسي
وأخالُ أني قد حفرتُ عميقَ لحدي
كي أعيشَ مخلداً
في بهوِ ذاكرةِ الهوى
رغم التناسي
فالآنَ أمضي مطمئناً
لا أهمُّ بأي توقيتٍ أموتْ