بقلم — الكاتب المورخ — احمد عطية الله
متابعة — ناصر محمد ميسر
إنها لمآساة كبيرة تلك التى تعيشها أم هذا البطل الشهيد بوصفها أكبر أمهات الشهداء اطلاقا التى تجاوزت عامها الثانى والسبعون وكانت تنتظر لقاء ربها واكبر أمنياتها أن بحملها ابنها الرجل الوحيد بين أبنائها الى مثواها الأخير فتفاجئ بيد الارهاب الاثمة تنزع منها هذا الأمل بلا رحمة ولا شفقة ولا إنسانية وتغتال وليدها وفلذة كبدها .. التى كانت تتمنى أن تفتديه بدمها ونفسها وروحها مقابل أن يبقى هو وتفنى هى .. ولكنها ارادة الله ولا راد لقضائه فتصبر الأم المكلومة وتحتمل وتغلق قلبها على ألامها ولا تقول الا ما يرضى الله : “إنا لله وإنا اليه راجعون” ..
ولد اللواء البطل هشام محمد محمود شاهين بمحافظة الغربية فى الأول من يناير عام 1969وسط أهله وعائلته عائلة شاهين المعروفة بالغربية وبدأ مشواره التعليمى هناك الى أن أنتقل وهو بالمرحلة الاعدادية مع والده طبفا لطبيعة عمل الوالد بمديرية التربية والتعليم الى محافظة شمال سيناء اضطر البطل الشهيد لمصاحبة والده رغم ارتباطه بجده عمدة بلدة الكرما بمحافظة الغربية وخاله اللواء رفعت شاهين أحد قادة وأبطال الدفاع الجوى بحرب أكتوبر 1973.. اكتسب من كلاهما الى جانب والده صفات الشهامة والنخوة وحب الوطن والانتماء اليه التى ارتبطت بشخصيته طوال مراحل حياته ..
أتقل هشام مع والديه واختيه ليعيش بمدينة العريش فى ترابط اسرى وانقلتت حياته التعليمية الى العريش فكان طالبا متفوقا دراسيا وأخلافيا حتى وصل الى المرحلة الثانوية العامة واجتازها بنجاح وتفوق ولكن لم يكن أحدى يدرى نمو حب الوطن داخله ورغبته الدفينة أن يكون مثل خاله البطل ضابطا بجيش مصر .. وتقدم لأختبارات الكلية الحربية واجتازها الواحدة تلو الاخرى الى أن جائت لحظة تحديد الكلية التى سيكمل بها دراسته ففوجئ باللحنة تختار له سلاح الدفاع الجوى نفس سلاح خاله بل أن أحد ضباط لجنة الأختيار قال له وهو يوقع استمارته : الدفاع الجوى هو بيتك وبيت خالك ودخل الكلية بدءا من عام 1987 ومرت سنوات الكلية الأربع عليه بتفوق وتلاها عام تكميلى خامس ليحصل على بكالريوس العلوم الهندسية قسم كهرباء وإتصالات ويبدا بعدها العمل بجيش مصر متدرجا فى الرتب باذلا كل الجهد فى كل مابوكل اليه من عمل تاركا بصمته فى كل مكان عمل به ومع كل ترقية بحصل عليها .. عمل بالعديد من الوحدات بالمحافظات والمدن المختلفة كالاسماعيلية والصالحية والتل الكبير وفايد والسويس وأسيوط ، وعند ترقيته لرتبة العمبد شغل منصب رئيس أركان أحد ألوية الدفاع الجوى بالمنطفة الجنوبية .. كان رحمة الله عليه محبوبا من رؤسائه وزملائه ومرؤسيه والجميع كان يشهد له بالتواضع الجم مع الحزم والتفاتى فى أداء عمله .. وكان لايتردد فى مساعدة كل من طلب المساعدة منه .. وانتقل قبل استشهاده بحوالى 6 شهور الى احدى فرق الدفاع الجوى بالدلتا تمهيدا لترقيته الى رتبة قائد لواء .. وكان يقابل بحفاوة بكل مكان ينتقل اليه بعد أن تسبقه سمعته الطيبة الية وكان يغادر المكان وسط حزن والم الموجودين به لفراقه .. ومع كثرة تنقلاته التى فرضتها عليه طبيعة عمله الا أنه كان مرتبطا بأسرته بارا بوالديه وخاصة أمه التى كان يحبها حبا جما وكانت هى مرتبطة به ارتباطا وثيقا وكذلك كانت علاقته بأختة الكبرى التى تكبره بثلاثة سنوات كان يعاملها كصديقة حميمة واخته الصغرى التى تصغره بـ 15 عام فكان يعاملها معاملة الابنة لا الأخت وكان جمبع أفراد العائلة يكنون له كل الحب والاحترام والخوف عليه ..
كان الشهيد متزوجا وله بنتين وولدا واحدا كان محبا لأسرته شديد الارتباط بأبنائه الذين غرس فيهم القيم والأخلاق الحميدة فى حين كان هو بالنسبة لهم مثال العزة والفخر سواء فى حياته أو بعد استشهاده . وقد ترك الشهيد بعده محمد أولى كلية بحرية مع والدته وأختيه نانا رابعة أعلام وجومانا بالشهادة الابتدائية. اما أهالى العريش الذين عاش بينهم فكانوا يشهدون له بالتدين والقرب من الله وأنه رجل محترم ذوأخلاق حميدة والتسامح الشديد حتى أنهم كانوا يعتبرونه ملاكا..
وعندما تفشى الارهاب فى الأونة الأخيرة وخاصة فى شمال سيناء كان الجميع يخشون عليه وينصحونه بعدم نزول العريش .. ولكنه كان يرد عليهم بأنه بين أهله وناسه وأنه لن يصيبنا الا ماكتب الله لنا .. وكان يغضب اذا ما نبهه أحد بعدم نزول العريش على الرغم من كونه بحسه الأمنى يعلن أنه فى بؤرة الخطر ..
قبل استشهاده بأسبوع اتصلت به والدته وكانت فى هذه المرة أشد خوفا عليه وشعورا داخليا يدفعها الى تحذيره ومطالبته بعدم نزول العريش وبالرغم أنه بالفعل كان موجودا بالعريش الا أنه أراد أن يذهب عنها القلق الذى يكشفه الحاحها الشديد فلم يشعرها أنه بالعريش .. فاغلقت التليفون وهى مرتاحة البال وتقول : الحمد لله أنه ليس بالعريش ..
أما يوم الاستشهاد فكان يوم الجمعة الموافق 4 نوفمر 2016 الساعة الواحدة والثلث وعقب انتهائه من صلاة الجمعة وعودته مع ابنه 15 سنة وابنته الصغرى 10 سنوات وأمام منزله بالعريش إذ بثلاثة ملثمين يتجهون نحوه ويصوبون رصاص الغدر والخسة والنذالة نحوه فيسقط وسط دمائه الزكية وهو ينظر بأبتسامة واسعة لأبنته الصغرى وكأنه يطمئنها أنه فى هذه اللحظات قد شاهد مكانه بالجنة التى يقبل عليها مكافأة له على بره بوالديه وأعماله الطيبة الخيرة وقال لمن تجمع حوله فى هذه اللحظة الجملة التى كان يقولها لوداع من يحبه : ” استودعكم الله الذى لاتضيع ودائعه ” ليتركهم فى حفظ الله وأمنه ..
قبل استشهاده بأسبوع اتصلت به والدته وكانت فى هذه المرة أشد خوفا عليه وشعورا داخليا يدفعها الى تحذيره ومطالبته بعدم نزول العريش وبالرغم أنه بالفعل كان موجودا بالعريش الا أنه أراد أن يذهب عنها القلق الذى يكشفه الحاحها الشديد فلم يشعرها أنه بالعريش .. فاغلقت التليفون وهى مرتاحة البال وتقول : الحمد لله أنه ليس بالعريش ..
أما يوم الاستشهاد فكان يوم الجمعة الموافق 4 نوفمر 2016 الساعة الواحدة والثلث وعقب انتهائه من صلاة الجمعة وعودته مع ابنه 15 سنة وابنته الصغرى 10 سنوات وأمام منزله بالعريش إذ بثلاثة ملثمين يتجهون نحوه ويصوبون رصاص الغدر والخسة والنذالة نحوه فيسقط وسط دمائه الزكية وهو ينظر بأبتسامة واسعة لأبنته الصغرى وكأنه يطمئنها أنه فى هذه اللحظات قد شاهد مكانه بالجنة التى يقبل عليها مكافأة له على بره بوالديه وأعماله الطيبة الخيرة وقال لمن تجمع حوله فى هذه اللحظة الجملة التى كان يقولها لوداع من يحبه : ” استودعكم الله الذى لاتضيع ودائعه ” ليتركهم فى حفظ الله وأمنه ..