عمان – آفاق حرة
تعرض لجنة السينما في شومان يوم غد الثلاثاء الموافق 23 تموز، الفيلم الأمريكي “البرج” للمخرج كيت ميتلاند، في تمام الساعة السادسة والنصف مساء بقاعة السينما والساعة الثامنة مساء في الهواء الطلق بمقر المؤسسة بجبل عمان.
ويعتبر فيلم “البرج”، واحدا من أهم الأفلام الأمريكية في العام 2016 وذلك بسبب مضمونه المهم من ناحية، وبسبب أسلوبه في الاخراج من ناحية أخرى. ففي هذا الفيلم يحفر المخرج ميتلاند عميقا في تاريخ أمريكا الحديث ليذكّر مواطنيه بما حدث بتاريخ 1/8/1966 وهو الحدث الذي كثيرا ما يتكرر في أمريكا بين فترة وأخرى، وصنعت عنه الكثير من الأفلام الروائية، ففي صباح ذلك اليوم ركب المدعو تشارلز ويتمان، بعد أن قتل أمه وزوجته، مصعد برج جامعة تكساس في اوستن وصعد به الى قمته وبدأ من هناك بإطلاق النار من بندقيته الآلية على كل المتواجدين في حرم الجامعة لمدة 92 دقيقة، فقتل 16 شخصا وجرح حوالي الخمسين إلى أن استطاع شرطي شجاع الوصول اليه وقتله –هذا الشرطي كان ما زال حيا عند اخراج الفيلم وقد التقاه المخرج واعتمد عليه كثيرا في تنفيذ فيلمه.
في سنة 2006 كتبت الصحافية الامريكية باميلا كولون مقالة بعنوان “ست وتسعون دقيقة” حول هذا الحدث في جريدة “تكساس مونثلي”. قرأ المخرج ميتلاند، خريج تلك الجامعة، ما كتبته الصحافية كولون والتقى بمن ما زال على قيد الحياة ممن عاشوا تلك المأساة ووظف كل هذا في فيلمه الوثائقي “البرج” بأسلوب فني محافظا بنفس الوقت على جلال الموضوع.
في الفيلم وفي بداية إطلاق النار أُصيب الكثير من المتواجدين في الحرم الجامعي بالذهول، إذ بدا لهم أن ما يجري ربما كان العابا نارية، إلى أن تبين لهم سقوط قتلى وجرحى، فاختلفت ردود الأفعال والتصرفات. يرصد المخرج بأسلوبه هذا الامر ويتابع بحرفية تسجيل شهادة الأحياء الذين التقاهم لذلك الحدث المروع سواء في وقته أو بعد مرور حوالي أربعة عقود عليه. من ضمن ما اعتمد عليه المخرج ما وجده من بقايا أفلام صورها البعض صدفة في حينه أو بعد فترة زمنية قصيرة.
أما الأسلوب الذي اعتمده المخرج في فيلمه فهو الجمع بين الفيلم العادي الذي نعرفه وأفلام التحريك وهي تجربة عمد إليها الكثير من المخرجين كأسلوب لإيصال فكرة معينة أو لأسباب تقنية، منها مثلا عدم إمكانية تصوير المشهد بصورة طبيعية.
الجديد في أسلوب هذا الفيلم أن التحريك تم بتقنية تدعى “الريتروسكوب” التي تعتمد على إعادة تشكيل الشخص الطبيعي (الممثل)، أو أي جسم طبيعي، وتحويله إلى رسوم متحركة، صورة بعد صورة بقلم خاص على الفيلم، وقد سبق استخدام هذا الأسلوب في عدة أفلام في تاريخ السينما، آخرها فيلم “حب فينسنت” حول حياة الرسام الشهير فنسنت فان غوغ (شارك في الرسم مائة رسام)، لكن الاختلاف الوحيد في هذا الفيلم أن فيلم” البرج” اعتمد على الحاسوب بدلا من الرسم باليد، مما سهّل وسرّع العمل.
ان الناجين من تلك المذبحة ومنهم الشرطي الذي قتل المجرم كانوا في معظمهم قد تجاوزوا الستين من العمر عند تصوير الفيلم، ويشعر من يستمع إليهم عندما يتحدثون عن ذلك الحدث أنه ما زال يؤثر عميقا في وجدانهم ونفسياتهم وحتى أن بعضهم لا يتمالك نفسه من البكاء.
لا يتخذ المخرج موقفا سياسيا من تلك الحادثة فهو لا يشير مطلقا إلى إشكالية حرية بيع السلاح في بلده أميركا المستمرة حتى اليوم، لكنه ينظر للحدث وتداعياته من وجهة نظر إنسانية فقط ومن زوايا متعددة لدرجة أن يتماهى المشاهد مع شخصيات الفيلم، الذي يتجاوز بذلك كونه فيلما وثائقيا فيتحول إلى دراما وثائقية مؤثرة يتدرج فيها السرد من الحدث إلى أبعاده النفسية والاجتماعية.