الذينَ يعيرونَ جماجمَهُم للريحِ يستقبلونَ العاصفةَ بكُلِّ حفاوةٍ وترحابٍ ، حميمةٌ تلكَ الشجرةُ المتجذرةُ في ملحودَةِ تلكَ الذوات تعتاشُ علىٰ دمَنِ المواقفِ تمتصّ قاذورات الشططِ لتزيدَ من خصوبةِ عراجينها وفاعليةِ مصلِ لقاحها في أعماقِ أترابهم المبثوثةِ في قيعان الآفات ، تكتملُ الأدوارُ والفصولُ تتناسلُ الجيناتُ يشبهُ بعضَها ومَنْ يُشابهُ أصلَهُ فما ظَلَم ، صَخَبٌ يستفزّ الحمائِم يتردّدُ صداهُ في الآفاق تلوذُ بالصمتِ تتخذُ ركناً هادِئاً وترتحلُ النوارسُ إلى أحضانِ الشفقِ تحتَ حجابِ الليلِ ، ريحٌ صرّ وقلوبٌ صَرْصَر ، أنساقُ قشٍّ بالٍ وركامٌ من صديدِ ما تلفظهُ مستنقعاتُ النكوصِ ، يتقيأوونَ ما في أجوافِهم المتفسخةِ من شَرٍّ ونَتَنٍ يزكمونَ أنوفنا التي ما برحتْ معلولةً من زفرات الأزمنةِ المصابةِ بأوبئة القبائح والطباع ، نبيتُ علىٰ جمرِ الكَظْمِ ونصحو علىٰ لَهَبِ البلوى ليسَ في الأفُقِ ما ينبئ عن وميضٍ ينيرُ سديمَ الأوقات أو قارعةٍ تصيحُ في تلكَ الجَنَبات فتزيلُ ضِغْثاً من ملوحةِ بحرِ السوء ، ليتَ عمري متى تنصهر حَوَايا القَيْءِ وأجربة القيحِ في أتونِ نار الرشد !؟ فتتطهرُ الأَرجاء ، ومتى يغرِّدُ كناريّ الجمالِ علىٰ شرفةِ الكون !؟ فيهدهدُ مهدَ الوجعِ ويضمّدُ جراحَهُ .